-A +A
منى المالكي
من المحطة الأولى لثورات الخريف العربي، من المكان الذي بدأت فيه أعاصير الفوضى، من تونس الخضرا، تونس العلم والعلماء، تونس العروبة بدأت السعودية العظمى رسم ملامح الواقع العربي الجديد، وترتيب البيت العربي الذي عاثت بأطرافه رياح الخيانة وكأن قدر أغلى وطن إعادة الصف العربي للجادة في كل مرة، ولكنه قدر العظماء، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، وهو تاريخ يشهد له الجميع.

لم تكن قمة تونس قمة عربية أو اعتيادية، فمن جامع القيروان المئذنة الأولى في أفريقيا بدأت كتابة أسطورة الحزم والعزم، السياسة السعودية سياسة ثقيلة جدا تمشي بثقة يعجز عنها أساطين السياسة فلا يمكن إلا أن تقف معجباً بتلك الروح المقاتلة منذ عهد المؤسس حتى الآن، فالنصال تكسر على النصال والحروب على كل الجبهات والاستعداء على وطننا يأتي من كل جهة والحروب تأخذ مناحي مختلفة ومع هذا الصخب كله يبدأ خادم الحرمين الشريفين زيارته التاريخية لتونس مفتتحاً مشاريع مبشراً بالخير أينما حل، ومعه رجال السعودية الأشاوس كلاً على جبهته سياسة واقتصاد وثقافة، أزعم أن كل ما كان في قمة تونس وعلامات ودلالات في مسار السياسة السعودية التليدة، فلا يمكن المراهنة أبداً على بلد يحارب على كل الجبهات ويمد يده أيضاً لمساعدة الغير فهل تستطيعها غير السعودية !


لا يمكن تفسير احتضان السعودية للعرب والعكس إلا إن كان هناك ما يعزز هذا الاحتواء فالسياسة والاقتصاد وجهان للزعامة وهذا ما تقوم به القيادة السعودية، وقد انتفت مقولة «اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس» فعادة الأبواق المجاورة الكذب المستمر الذي كشفهم للعالم أجمع، وما ليلة الهروب الأخيرة في تونس إلا دليل ناصع على الوجع الكبير.

وأجمل ختام هو الطائرة السعودية التي حلقت على أغلى وطن وكأني بهذه الإنجازات هي الرد الشافي على من يتسول الشهرة على حساب وطننا، من يتوهم أنه يستطيع مقارعة الأبطال، إنها السعودية العظمى وكفى !.

* كاتبة سعودية

monaalmaliki@