-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
أحاول قدر استطاعتي البعد عن الكتابة في القضايا السياسية الشائكة، فمثل هذه الكتابات لها أربابها، لكن قد تصل الأمور إلى حد ينطق الصخر، وبالطبع نحن ولله الحمد- بشر، ومسلمون، وعرب، ومن ثم تصبح القضايا الإنسانية والإسلامية والعربية محور اهتمام كل عربي ومسلم، فمن لم يهتم بأمر المسلمين، فليس منهم.

لقد خرج علينا مؤخرا السيد ترمب باعتراف خطير، يقر فيه بشرعية احتلال الصهاينة الإسرائيليين للجولان العربي السوري المحتل، بحجة أهميته لأمن إسرائيل، ولو سلمنا بعقلانية ومنطقية هذه الذريعة غير المسؤولة، لأعطينا صكا لكل دولة، يمنحها الحق في احتلال وضم أراضي دول الجوار.


لقد أدانت المملكة هذا الاعتراف الأمريكي الخطير، كما أدانته دول العالم المتحضر، التي لا تعترف بأحقية أي دولة في احتلال أراضي الغير، ومن ثم ضمها إلى عصمتها وسيادتها.

القرار «الترمبي» يخالف جميع القرارات الدولية الصادرة منذ عام 1967، ويخالف العقل، ويخالف المنطق، ويضرب بعرض الحائط حقوق ومشاعر أكثر من أربعمائة مليون عربي، ويكشف -في الوقت ذاته- عن الانحياز الأمريكي السافر تجاه إسرائيل، والاستخفاف بالدول العربية التي يعتبرها السيد ترمب من حلفاء دولته.

قد تكون للسيد ترمب دوافعه، حيث يريد دعم رئيس وزراء الدولة الصهيونية في الانتخابات المزمع عقدها بعد أسابيع قليلة، ودعم موقفه هو في الداخل، وكسب تأييد اليهود الأمريكيين له في الانتخابات القادمة التي اقترب أجلها.

لكن الأمر المؤكد، أن سياسة الرئيس ترمب، منذ أن وصل إلى سدة الحكم في بلاده، أظهر لنا إيمانه الكامل -بما يعرف في الدراسات العلمية بالمسيحية الصهيونية- بحق إسرائيل، لا في الوجود وحسب، بل في احتلال كل أرض تطؤها أقدام الإسرائيليين، وهو ما أعرب عنه الزعيم الصهيوني بن جوريون حين قال: إن حدود دولة إسرائيل تنتهي عند آخر تواجد لجنودها، وهذا كله له ما يدعمه في توراة اليهود المقدسة التي هي جزء أساسي ورئيس من معتقدات السيد ترمب، إذ وعد إله بني إسرائيل شعبه المدلل بمنحهم كل أرض تطؤها أقدامهم.

هكذا، يطبق السيد ترمب، ونتنياهو، ومن شاكلهم، ما جاء في كتبهم المقدسة، في الوقت الذي يتغافل فيه أكثر من مليار مسلم، ما جاء في قرآنهم.

إن شرعنة الاحتلال، أي إعطاء الاحتلال صبغة شرعية، سابقة خطيرة، قد تكون بداية لسلسلة من الأزمات.

واعتبروا يا أولي الأبصار.