-A +A
هاشم عبده هاشم

* إنجاح القمة العربية.. بعودة السلام إلى سورية واليمن وليبيا

* المملكة تدعم استقرار تونس.. ولا تتدخل في شؤونها الداخلية


* آثار القرارات الأمريكية بشأن القدس والجولان على القمة

* تنمية تونس.. وتعزيز مركزها في الإقليم هدف الزيارة

•• تكتسب زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لتونس اليوم (الخميس)، أهمية خاصة في هذا الوقت بالذات، الذي تشهد فيه البلاد تجاذباً قوياً بين رئيس الدولة، ورئيس مجلس الوزراء في الداخل التونسي.. كما تتعرض فيه تونس لضغوط خارجية شديدة بفعل الوضع المتدهور في ليبيا.. بكل انعكاساته الأمنية والاقتصادية والسياسية على تونس نفسها..

•• وعلى جانب آخر.. فإن توقيت هذه الزيارة للبلد الشقيق يأتي قبل انعقاد القمة العربية الثلاثين في العاصمة التونسية في الحادي والثلاثين من شهر مارس الحالي. وهي القمة التي ينتظر منها أن تخرج بقرارات مهمة سواء على المستوى العربي.. أو بمواجهة الأخطار والتحديات المستجدة أخيراً، ولا سيما بعد الاعتراف الأمريكي بسيطرة إسرائيل على كل من القدس الشرقية.. وهضبة الجولان.. فضلاً عن أهمية الخروج بموقف عربي قوي من التدخلات والتهديدات الإيرانية في دول المنطقة.. وبحث واستعراض أوضاع المنطقة وتوفير الاستقرار في مختلف أرجائها.

دوافع مهمة وراء الزيارة

•• لكن ما تجب الإشارة إليه - منذ البداية - هو:

• أولاً: أن هذه الزيارة مقررة منذ فترة وبالذات منذ زيارة الرئيس التونسي محمد الباجي قائد السبسي للمملكة وتوجيهه الدعوة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وقبوله لها وبدء الإعداد لها منذ ذلك الوقت.

• ثانياً: أن سياسة المملكة قائمة على الدعم والمؤازرة للدول الشقيقة وتعزيز قدرتها على تنمية أوجه الحياة فيها.. وتلبية احتياجات شعبها.. وتعزيز الأمن والاستقرار فيها وتمكينها من الصمود أمام الأخطار والتحديات التي تتهدد سلامتها.. واستقرار أوطانها بعيداً عن التدخل في شؤونها الداخلية.. وما يدور فيها.. ويرتبط بشؤون شعبها.. والسلطة فيها.

• ثالثاً: أن المملكة حريصة على تحقيق المزيد من الاستقرار للمنطقة التي تقع تونس في القلب منها، لإيمانها بأن أمن واستقرار وسلامة منطقة المغرب العربي يصب في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، ويحول دون وقوع المزيد من التصدعات بعدما شهدته المنطقة من هزات قوية من العام 2011 وحتى اليوم.. وبالتالي فإن الملك سلمان شخصياً معني بأمن وسلامة واستقرار تونس بشكل خاص ومنطقة المغرب العربي بشكل عام باعتبارها عمقاً إستراتيجياً مهماً للأمن العربي كمنطقة حيوية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكل من أفريقيا وأوروبا.. وبالمنطقة العربية ككل.. وتشكل صمام أمان في استعادة الاستقرار إلى المنطقة كلها.. والنهوض بها من جديد.

• رابعاً: أن الزيارة تشكل فرصة مواتية لمزيد من التعاون والتنسيق بين المملكة العربية السعودية والدولة الشقيقة المستضيفة للقمة العربية في هذه الظروف الصعبة لضمان الخروج بأفضل المقررات الهادفة إلى خدمة هذه الأمة والعمل على توحيد المواقف.. وتجميع الصفوف.. والبعد بها عن القضايا الخلافية الحادة.. وتأجيل ما يمكن النظر في تأجيله إلى وقته المناسب.

ومعروف أن هناك قضايا شائكة ومعروضة على قائمة أولويات القادة العرب.. ومنها تحقيق المزيد من الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل عام.. وفي سورية.. واليمن.. وليبيا.. بشكل خاص.. وهي أولويات ملحة يجب الاتفاق على تحقيقها في أسرع وقت ممكن وبما يحقق السلامة للشعوب.. والاستقرار لكافة دول المنطقة وانتفاء التهديد لها من الداخل أو الخارج.

•• وفي هذا الإطار، فإن المملكة مهتمة بالوقوف إلى جانب تونس وتمكينها من إنجاح هذه القمة تعزيزاً للأمن والاستقرار فيها.. ودعماً لمزيد من النماء والتقدم لها.. وتحقيق تطلعات الشعب التونسي الشقيق في المزيد من الرخاء والتقدم والانتعاش الاقتصادي وترسيخ قواعد الأمن والاستقرار الشاملين في مختلف ربوعها.

• خامساً: أن الملك سلمان (شخصياً) يحتفظ بعلاقات خاصة قوية ومتينة مع فخامة الرئيس السبسي.. وأن هذه العلاقات القديمة كانت على مدى التاريخ مصدراً من مصادر تعزيز أوجه التعاون المختلفة بين بلدين شقيقين.. مستقرين.. متعاونين.. وحريصين على استمرار قيام تونس بدورها الفاعل على المستويين الإقليمي والدولي.. بمزيد من دعم الاستقرار فيها.. وتعزيز ثوابتها.. وتحقيق الخير كل الخير لشعبها الأصيل في عروبته.. وإسلامه.. بعيداً عن التكتلات أو التوجهات الضارة بتماسك الدول وترابط الشعوب.

وسوف تساهم هذه الزيارة في ترسيخ هذه القواسم وتلك المشتركات.. انطلاقاً من المشاعر القوية التي تربط بين الشعبين السعودي والتونسي، وجاء الوقت الذي تؤكد فيه المملكة أنها مع تونس القوية.. بإنسانها.. وحضارتها.. وقربها الطبيعي من أرض القداسة والطهر، المملكة العربية السعودية.. بعيداً عن جميع المؤثرات أو الضغوط من أي نوع كان.

لماذا تونس تحديداً؟!

•• ولعل الأهم من كل ذلك هو:

أن المملكة العربية السعودية.. حريصة على ترجيح كفة الاعتدال في الوطن العربي.. تحقيقاً للاستقرار المنشود بالمنطقة.. خروجاً بها من حالة التوتر التي شهدتها.. ولم تجن من ورائها إلا الخراب والدمار..

كما أنها حريصة على الوقوف إلى جانب الأشقاء لإعادة بناء أوطانها على أسس صحيحة تضمن سلامة شعوبها.. واستقرار أوطانهم.. وتقودهم إلى المزيد من الخير..

وفي هذا السبيل فإنها لن تترد في الوقوف إلى جانب كل دولة تتلاقى معها في هذا التوجه الذي يحافظ على مكتسبات الدول والشعوب ويحميها من الانهيار.. ويمكنها من التطلع إلى المستقبل الأفضل للمنطقة.. لا حاجة بها إلى المزيد من الاهتزاز بعد كل ما لحق بها.

•• ولا شك.. أن تونس ركيزة من ركائز الأمن العربي القوي.. بمواقفها العربية القوية التي لا تنسى، ومنها استضافة منظمة التحرير الفلسطينية ذات يوم، ودعمها للجامعة العربية في الأوقات الصعبة.. واعتمادها سياسات قومية طليعية.. وبناءة.

•• وفي هذه الأرضية الملائمة.. يجيء انعقاد القمة العربية في أكثر الظروف دقة وحساسية.. وهو ما يؤكد أن تونس بلد ذو ثقل.. وأن اعتدال مواقفه وسياساته كفيل بالخروج بقمة على مستوى جيد من النجاح وتقليص حجم الاختلاف حول القضايا السياسية المعقدة.. وذلك يشكل مكسباً ممتازاً في مرحلة دقيقة وحساسة.