-A +A
حسين شبكشي
بوصلة الاستثمار لا يجب أن تكون متحيزة، وبالتالي هي مطالبة بملاحقة الفرص المغرية، بغض النظر عن الموقع الجغرافي للدول التي قد تأتي منها تلك الفرص. لسنوات طويلة كان التركيز في سياسة الجذب الاستثماري، فالاستثمار في السعودية منصب على الولايات المتحدة الأمريكية وأهم الدول الأوروبية منها، بريطانيا، وفرنسا، هولندا، وألمانيا، وهي سياسة لا تزال مستمرة. ولكن هناك ظروفا سياسية استجدت بدلت المسافات بين مواقف هذه الدول والسعودية، ومع ذلك لم يحدث حراك قوي وفعال باتجاه دول وأسواق وشركات بديلة. هناك أسواق وشركات عملاقة «خارج» المحيط الأمريكي والأوروبي التقليدي، بدأت جهودا لا بأس بها مع الصين، ولكن هناك جهودا وتركيزا مطلوبين لجذب المال والشركات من اليابان على سبيل المثال، وهي التي لها باع طويل في الحضور والتواجد التجاري والصناعي (في مجال النفط والبتروكيماويات)، ولكن من الممكن العمل على جذب استثمارات منها في قطاعات صناعية ومالية (مصارف وتأمين) أخرى. وما يقال بحق اليابان من الممكن أن يقال بحق كوريا الجنوبية، والتي لا يزال هناك قصور في مدها بفرص استثمارية إلى مجالات متفوقة فيها وجذب الاستثمارات منها في قطاعات مثل بناء السفن والحديد والبتروكيماويات والصناعات الثقيلة والقطاع المالي، ومن الممكن الانطلاق بنفس الأفكار لتتضمن الهند وإندونيسيا وماليزيا وتايلند (بالرغم من وجود عوائق سياسية مع هذا البلد، إلا أن الاستثمار الاقتصادي معها قد يكون مفتاحا لحل المشاكل القائمة والتي مضى عليها عقود طويلة). هناك دول عملاقة وشركات كبرى في آسيا لديها الرغبة في الدخول للسوق السعودية، ولكنها تخشى دوما من كون البوصلة الاستثمارية للسعودية «متحيزة» للولايات المتحدة الأمريكية وأهم الدول الأوروبية، وبالتالي لن يجدوا شروطا تنافسية مغرية وعادلة لهم. وطبعا الدول الآسيوية والشركات الكبرى ليست وحدها في هذا الأمر، فهناك دول وشركات مثل البرازيل والأرجنتين وجنوب أفريقيا ونيجيريا وغانا وأوكرانيا وكازاخستان، دول لديها مزايا تنافسية وقدرات وأموال جاهزة للاستثمار وبحاجة إلى مد يد الاهتمام والترحيب المباشر «لهم» تحديدا، وفرش البساط الأحمر بالشروط الميسرة وإزالة القيود «لهم» حتى يشعروا أن البوصلة السعودية للاستثمار للكل وبلا قيود ولا تعرف التفاضل. جذب الاستثمار يسعى للفرص ومن المفروض أن لا يكون لديه أفضلية ولا تمييز وأن يكون المعيار له هو تحقيق الإنجاز الرقمي المستهدف.

* كاتب سعودي