-A +A
عبدالله صادق دحلان
تبدأ اليوم الأحد انتخابات الغرفة التجارية الصناعية بجدة لدورتها الثانية والعشرين، يتنافس على عضوية مجلس إدارتها 80 رجلا وسيدة أعمال لشغل 12 عضوية في المجلس، ولأول مرة في تاريخ غرفة جدة يمثل الشباب 90% من المتنافسين وهي ظاهرة صحية تبشر بالخير لمستقبل الغرفة العجوز بتاريخها العريق؛ أول غرفة تجارية صناعية في المملكة، وهي رائدة الانتخابات في الغرف التجارية الصناعية في المملكة.

وتعتبر ثاني جهاز أو هيئة أو مجلس يمارس أعضاؤه حق الانتخابات بعد انتخابات أول مجلس شورى في عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وبالرجوع إلى تاريخ الانتخابات في غرفة جدة كان على مر الخمسين سنة الماضية يتصدر كبار رجال الأعمال والتجار والصناع قائمة الانتخابات وكانوا لا يجدون من يجرؤ على منافستهم فهم أعمدة التجارة والصناعة في جدة ورواد الأعمال والجميع متفق على ترشيحهم لقيادة الغرفة فلم يجدوا منافسة قوية وحتى في بعض الدورات كانت القائمة تفوز بالتزكية لعدم وجود منافسين لهم، حتى أن البعض يشعر بالخجل عند التفكير في منافسة كبار التجار والصناع احتراما وإجلالا لسنهم وعصاميتهم ودورهم الاجتماعي، ثم بدأ الكبار من الأعضاء يفكرون في التقاعد وترك الفرصة تدريجيا للشباب أو تطعيم المجلس بمجموعة من الشباب عن طريق التعيين للاستفادة من خبرة الكبار، وفعلا كان للشباب من الأعضاء آنذاك دور كبير في التطوير رغم اختلاف وجهات النظر ورغم حماسهم أحيانا واندفاعهم أحيانا أخرى، إلا أن ميزان الكبار من الأعضاء كان له الفضل في إعادة التوازن للمجلس وإحكام اندفاع الشباب، ومع تغير نظام الانتخابات وإلغاء نظام القوائم دخل الأعضاء الانتخابات منفردين، وتدخلت التجمعات والانتماءات حول أفراد لا ارتباط بينهم ليكونوا مجلس إدارة لا تجانس بين أعضائه، وأصبحت مهمة رئاسة المجلس صعبة على رئيسها المنتخب، وأصبحت قوى التحالفات تلعب دورا في اختيار المرشح بصرف النظر عن كفاءته، ولهذا أعادت وزارة التجارة مشكورة النظر في نظام الانتخاب من انتخاب فردي كل ناخب يرشح مرشحا واحدا إلى السماح لكل ناخب ترشيح أربعة مرشحين، اثنين تجاريين واثنين صناعيين وهو توجه جيد إلا أنه أيضا ليس الأفضل لأنه سيكون هناك ثلاثة تكتلات، كل تكتل غير معلن يدعم أربعة مرشحين فقط وسيظل عدم التجانس قائما.


أما السلبيات التي أفرزتها الانتخابات السابقة والتي آمل أن تتدخل لمعالجتها وزارة التجارة والجهات الأمنية الأخرى ومنها (نزاهة) هي قضية شراء الأصوات بالمال في دائرة الانتخابات خارج الصالة الانتخابية، وهو تصرف غير أخلاقي وينبغي وقفه ومنعه ووقف انتخاب من يمارسه، لأن العضوية ينبغي أن لا تشترى بالمال وإنما بالجهد في إقناع الناخبين بكفاءته ومشروعه في تطوير الغرفة وتقديم الخدمات المتميزة للناخبين من الأعضاء ولجميع أعضاء الغرفة، أما بعض سلبيات الماضي منها دخول بعض المرشحين أو ذويهم إلى داخل صالة الانتخاب للتأثير على الناخبين في آخر لحظة، وهو أمر غير نظامي، وكذلك تدخل بعض موظفي الغرف في التأثير على الناخب رغم أنه من المفترض حياديتهم في الانتخابات، وعليه آمل أن تؤخذ هذه الملاحظة من صباح هذا اليوم، وعلى موظفي وزارة التجارة تولي مسؤوليتهم، أما عن المرشحين فكنت أتمنى أن يوضع في نظام الترشح للعضوية شروط أكثر من السجل المجدد واشتراك الغرفة المجددة. وأقترح أن يضاف شرط أن يكون المرشح قد شارك بعضوية إحدى اللجان المنبثقة من الغرفة لمدة سنتين على الأقل، ويكون المرشح قد حضر جمعيتين عموميتين للغرفة على الأقل، وبهذا نكون قد أهلناه للترشح لعضوية الغرفة وإن كنت أتمنى أن يكون الترشح لعضوية المجلس من أعضاء اللجان فقط، وأعلم أن هذا المطلب قد لا يقبله معظم المرشحين غير أعضاء اللجان إلا أنني أطرحه رغبة في إكساب الأعضاء خبرة كافية تؤهلهم لعضوية المجلس.

ويؤسفني كل الأسف أن تعقد الجمعية العمومية الأخيرة للدورة الحالية للمجلس المنتهي فترته، ولا يحضر من المرشحين الحاليين إلا ثلاثة في المائة منهم، والأكثر استغرابا هو أن غرفة تجارة وصناعة جدة بها حوالى 100 ألف مشترك ويحضر جمعيتها العمومية 60 مشتركا وأتمنى أن لا يكون نصفهم من الموظفين.

وهذا يؤكد أن هناك خللا في العلاقة بين الغرفة والمشتركين وهو خلل قديم أسبابه كثيرة وأهمها شعور المشتركين بعدم جدوى الجمعية العمومية للغرفة لأنها بدون صلاحيات، وينص النظام على أن الميزانية والتقرير يعرضان على الجمعية ولم تعط الجمعية صلاحيات أكبر، رغم أن النظام الجديد الذي لم يعتمد أعطى الجمعية صلاحيات أتمنى أن يصدر وتلزم الغرف بتطبيقه.

آمل من أبنائي وإخواني المرشحين أن تكون روحهم رياضية ويدخلوا الانتخابات بنفسيات عالية أخوية ويقدموا مصلحة الغرفة على مصالحهم الخاصة، وأن يكون هدفهم الخدمة العامة لا التسلق من كرسي الغرفة لمواقع أو مصالح شخصية.

* كاتب اقتصادي سعودي