-A +A
مها الشهري
لا شك أن العادات والأعراف أثقلت على الرجل المتزوج أو المقبل على الزواج بمبرر الواجب وما يندرج تحت مسمى «النفقة» بشكل مبالغ فيه أفقد الموضوع معناه، فيما تعتقد الكثير من السيدات والفتيات أن الزواج عبارة عن صفقة يتحقق منها الحصول على جميع القرارات الذاتية المؤجلة التي يتعذر الوصول إليها بدون توفر الزواج، بالمقابل تكرس الكثير من الأسر هذه الذهنية بمنع بناتها من الحصول على حقوقهن ذات التكلفة الاجتماعية على سمعة الأسرة والتي تقرها لاحقا بازدواجية واضحة عند توقيع عقد الزواج المثقل بقائمة من الطلبات والشروط.

في كثير من الحالات تقيد الأسرة بناتها عن فعل أي تصرف مهما كان بسيطا كمنعهن من الخروج، وقد يصل إلى منعهن من إكمال التعليم أو العمل درءا للنقد الاجتماعي الذي يفسر مثل هذه الممارسات بالتسيب، هذا أيضا قد يسيء إلى سمعة الأسرة ما يجعلها عاجزة بالتالي عن تزويج بناتها، فتختار أن تقيدهن لضمانة تزويجهن، وبوعود مؤجلة للفتاة إزاء أي رغبة بتأجيلها إلى ما بعد الزواج، على أسلوب نقل الأعباء الناتجة عن القرارات والخيارات الذاتية إلى الزوج الذي تحول إلى «فارس أحلام».


لأن الكبت قد يولد الانفجار، فقد يصدم المتقدم للزواج من قائمة مهولة من الطلبات تجعله يتصور بأنه المفتاح السحري الضائع الذي طالما بحثت عنه هذه الفتاة، على خلفية الأغلال التي حاصرتها في بيت أسرتها وباعتباره مأخذا عليها يتم إبرازه من قبله عند أول خلاف.

من السوء أن تتحول الحقوق إلى أحلام، تضطر الفتاة أن تربط تحقيقها بخيار يأتي من خارج نفسها، مما شكل لدينا ظاهرة «العزوف عن الزواج» لكثرة أعبائه، فيما أن دور الأسرة ينعكس على مدى دعمها لأبنائها وتبني خياراتهم وبناء المسؤولية فيهم تجاه أنفسهم، فالحياة الناجحة تأتي بين الأزواج لاحقا على سبيل التشارك وتبادل الحق والواجب، ليس على تبعية أحدهما للآخر.

* كاتبة سعودية