-A +A
حمود أبو طالب
بكل تأكيد لا يمكن الحديث الآن عن موضوع آخر غير المجزرة الشنيعة التي حدثت في نيوزيلاندا وحصدت 50 قتيلا ومثلهم من المصابين والجرحى من المسلمين في مسجدين خلال صلاة الجمعة، وكانت منذ لحظة الجريمة إلى الآن حديث إعلام العالم، بتناولات وتفسيرات وتعليقات وتحليلات مختلفة. هي جريمة بشعة آلمتنا كمسلمين عندما استهدفت بالتحديد مجموعة تدين بالإسلام، ولكنها مع ذلك تشير إلى المنزلق الخطير الذي تمضي فيه البشرية بفعل عوامل تتهيأ وتتكثف ليصبح الصراع من أجل تدميرها. قتل الإنسان الآمن المسالم من أي ديانة وعرق ولون جريمة إنسانية بلا استثناء.

التركيبة الجهنمية تنتج عندما يوجد شخص لديه ميول فطرية للعنف ويجد نفسه في محيط يغذيه بالتطرف وبيئة تكرس في ذاته العداء للآخرين حتى يصل إلى مرحلة اشتهاء الدم. ذلك المجرم الذي نفذ المجزرة كان نتاج تغذية مستمرة وحقن متواصل بفكر التطرف اليميني الشديد ضد العرق والدين المخالف، وضد الهوية الأصلية، الذي تبناه تيار في موطنه بشراسة، واستعرضت تأريخه بعض وسائل الإعلام على هامش الحادثة، بل إنه تجاوز ذلك إلى التأثر بنفس الفكر في دول ومجتمعات أخرى، والذي أصبح يشكل تياراً عالمياً يكرس دعوات العنف والتطهير العرقي وكراهية الثقافات والأديان الأخرى.


دعوات التسامح والتعايش التي ينادي بها العالم هناك من ينسفها لحسابات سياسية وأسباب غيرها، وهؤلاء يجدون في المختلين أدوات للتدمير تتطور بشاعتهم لتصل حداً يتجاوز الخيال. فقط ازرع فكرة بغيضة في رأس شخص بغيض لتحصل على جريمة فادحة. من يصدق أن زمناً سيأتي يقوم فيه شخص وبدم بارد بحصد أرواح الأبرياء ويبث جريمته على الهواء مستمتعا بها.

رحم الله الضحايا، واللهم الطف بخلقك من أشرارهم.