-A +A
حمود أبو طالب
اعتدنا في منطقتنا المضطربة دخول الدول الكبرى والأمم المتحدة على خطوط النزاعات وبؤر التوتر وساحات الصراع، ليس بالضرورة لأنها تريد حلولاً ولكن لأنها دول كبرى فحسب أصبحت هي التي تدعي رعاية السلام الذي لا يتحقق في كثير من الأحيان، وإن تحقق فيما ندر فإنه سلام هش قابل للانفجار في أي حين، بمعنى أنها لا تريد أن تهدأ وتستقر الأمور في أي مكان حتى لا تفقد هذا الدور، وهذه الوصاية التي منحتها لنفسها.

ولكن ما حدث الأسبوع الماضي كان سابقة جديدة تحدث عنها العالم بأجمعه عندما اندلعت أزمة بين الهند وباكستان كادت أن تتطور إلى مواجهة خطيرة. دولتان نوويتان كبيرتان بينهما توتر مستمر، وعندما حدثت الأزمة دخل لاعب جديد ومؤثر على خطها هو المملكة العربية السعودية. يقول وزير الإعلام الباكستاني فؤاد شودري إن المملكة أسهمت في تخفيف التوتر العسكري بين باكستان والهند بتدخلها المباشر، وقال إن الرياض حثت الإمارات والولايات المتحدة على إقناع الهند بعدم الاستمرار في تصعيد التوتر مع باكستان. حدث ذلك بعدما أرسلت المملكة وزير الدولة للشؤون الخارجية فور اندلاع الأزمة لزيارة البلدين واستطاعت وساطتها نزع فتيل الخطر الكبير الذي كان ممكنا حدوثه في ظل التوتر المتصاعد. نعرف أن مساعي المملكة قد نجحت في إنهاء أزمات بين دول سابقاً وحاضراً، وفي الفترة الماضية القريبة يتذكر الجميع المصالحات التي تمت بفضل مساعيها الخيرة بين دول صديقة وشقيقة، ولكن لأنها دولة مؤثرة يثق العالم بتأثيرها ونواياها الخيرة وحرصها على السلم والسلام تجاوزت نجاحات مساعيها جوارها القريب لتصل إلى محيط أبعد، ولولا هذه الثقة لما استجابت لوساطتها دولتان كبيرتان كالهند وباكستان.


إنها المملكة، دولة المصداقية والتأثير والنوايا الخيرة.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com