-A +A
علي بن محمد الرباعي
سؤال بسيط في مظهره، تصورتُ أني أطرحه على شعبنا السعودي في مهمة استطلاع رأي. أعلم أن إجاباتنا تنطلق من قناعات وتصورات بعضها فطري والآخر مكتسب، وردودنا حتماً ستتفاوت، فالمواطن البسيط لن يتكلف الإجابة، ولن يتفلسف، وسيقول بكل صدق: الدولة تعتني بي لأكون مواطناً سوياً وفياً لوطني. فيما المثقف النخبوي ربما يقول إن الدولة اعتنت به ليكون وجهاً مشرقاً لها في المناسبات والمحافل الثقافية، ورجل الاقتصاد سيذهب إلى الجانب التنموي وتدوير عجلة الاقتصاد لتحسين أداء الدولة المالي، والجندي سواء كان في الجيش أو الأمن عقيدته أن حق الدولة عليه أن يقف في وجه كل من يريد بوطنه سوءاً والتصدي له ببذل النفس والنفيس.

المرأة ستقول لكي أربِّي وأخرج أجيالاً رضعت الوفاء فتمثل عملاً صالحاً وإحساناً للوطن بالإبداع والإنجاز والإسهام في كل مجالات البناء والابتكار وتجاوز الذات بصناعة المزيد من المنجزات.


كل مواطن خالٍ من أدلجة أو تشويش حزبي أو انتماء خارجي سيأتي جوابه محملاً بنقاء السريرة ومخضباً بأريج الروح لأنه يفخر بحمل لقب (سعودي).

أما الحزبيون الذين يستندون على التاريخ من زمن عثمان رضي الله عنه لتوظيف أبشع المرويات لمصلحة مشروعهم الفاشل، ويتكئون على الظنيات من أخبار الخوارج لتسويغ تمردهم على الدولة، فيرون عناية الدولة بهم تعليمياً وصحياً واجتماعياً وأمنياً مدعاة للتنكر لمعروفها، ومقابلة الإحسان بالإساءة، عبر إثارتهم للفتن والقلاقل والتأليب والتآمر، وهذا ما لمسناه من بعض مرتدي زي الفضيلة مع كل حقبة تحولات، لتأجيج صوت الممانعة الاجتماعية لتتحول إلى أبواق صاخبة.

من قرأ التاريخ جيداً سيكتشف أن أراذل الخلق على المستوى الاجتماعي هم دعاة فتنة وبؤر شرٍّ ومظنة الفساد والإفساد، ذلك أن الخطوات الإصلاحية للدولة تلغي وجودهم وفاعليتهم التي لا تقوى إلا على أكتاف المفسدين.

كل التجييش الذي يمارسه مجاهيل بأسماء مستعارة يعيدنا إلى أول ظهور لفتنة المسلمين برفع قميص عثمان، فيما ينظر أهل الصلاح والتقوى إلى الدولة على أنها بمثابة الأب والأم اللذين يؤديان واجباتهما والتزاماتهما تجاه الأبناء والبنات، ولا يتخليان عن الإحسان لأولادهما شأن الدولة مع مواطنيها وإن كان بعضهم عاقاً أو منحرفاً أو مستهوى من الشياطين.

جميعنا شهدنا ما وقع للعالم العربي منذ 8 أعوام، وعرفنا أن كل ما حدث كان بسبب رهان خاسر على أحزاب وجماعات حشرت نفسها باسم الدين لتنال الدنيا، علماً بأنهم أعجز الناس عن تصور حضاري للدولة، ناهيك عن توفيره وإنجازه.