-A +A
منى المالكي
الهجوم على هيئة الترفيه ليس نابعاً من رفض أجندة الفعاليات المقدمة لعدم مناسبتها لقيم وعادات المجتمع مثلاً أو السبب الرائج حالياً من أن هناك أمورا أهم من الترفيه! أزعم أن السبب وراء ذلك هو «صدمة الاختيار» التي تعرض لها الجميع، لأننا سابقاً لم نكن نملك خيارات متعددة في حياتنا كان الرأي الأوحد، الاختيار الواحد هو السائد بل والمسيطر، أمَّا الآن فقد اختلفت الحياة في جميع المجالات فهناك اختيارات متعددة في التخصصات الجامعية بالنسبة للفتيات مثلاً، في سوق العمل، في مكان قضاء الإجازة الأسبوعية.

تعدد الاختيارات الحالية في حياتنا أصابت البعض بالقلق والتوتر فالإنسان عدو ما يجهل ولذلك كان هذا القلق المجتمعي تجاه التغيير الذي يحدث الآن، «فعيش الحياة ليس خياراً مطروحاً فلا بد أن تعيش الحياة.. الخيار الحقيقي هو كيف تعيشها» وهذا الخيار الصائب في المجتمعات المتحضرة هو طريقة العيش التي تختارها أنت بعد أن تستوعب تعدد الاختيارات والمعطيات التي تملكها وهو ما ينعكس إيجاباً على طريقة الاختيار الصحيح المناسب لراحتك ورغبتك، فلست مجبراً على اختيار واحد يراه البعض لك أنه صائب مع أنك تعلم في قرارة نفسك بعكس ذلك ولكن يا لتعاستك لا تملك غيره!


نعيش في حياتنا الخاصة تعددا أيضاً للاختيارات فليس أجمل من الإحساس بالحب وأقصد الحب بمعناه الواسع الذي يشمل حب الطبيعة وحب الجمال وحب الإنسانية وحتى الحب العاطفي بمعناه الضيق، ومع ذلك نتعرض لمنغصات مع هذا الإحساس الجميل، وهنا يظهر الاختيار الذي يعبر عن هذه النفس الإنسانية فإن كانت تميل للحزن والخوف والانطواء والحذر فستختار القلق والتوتر والهم للتعايش مع هذا الحب وإن كانت نفسا منطلقة محبة فستختار الحب لتعيشه وستسترجع أجمل لحظاته حتى في غيابه! يقول نيكولو مكيافيلي «لأن الهم والحُب لا يتعايشان، كان علينا أن نختار، واختيار الحب هو الأفضل».