-A +A
حمود أبو طالب
اشتكى أهل جازان من زيارة وزير الصحة، ونشرت «عكاظ» تغطية كان عنوانها: هل تكفي أربع ساعات يا وزير الصحة، وتضمنت التغطية شرحاً لحال المشاريع الصحية الموعودة التي طال انتظارها، والمتعثرة التي أزمن تعثرها، والمستقبلية التي لا يلوح في الأفق مستقبل لها. مشكلة أهلي وأحبتي في جازان أنهم ما زالوا على فطرتهم، نواياهم طيبة، ما زالوا يؤمنون بأن زيارة الوزير هي الترياق والبلسم لكل المشاكل، رغم أنهم تجرعوا خيبات كثيرة من كثير من الوزراء والمسؤولين الذين زاروها.

أنا في فمي ماء كثير بالنسبة للصحة، وفي جازان تحديداً. قد يقول قائل: هل تقول هذا الكلام الآن بعد أن غادرت وزارة الصحة، لكن جوابي يقول: قلته جهراً سابقاً، وأرشيف هذه الجريدة يحتفظ به، وكل الوزراء السابقين يعرفون ذلك، وقد دفعت ثمناً باهظاً من أجله، ليس عقاباً من الوزراء، ولكن من الصف الثاني والثالث الذي يتحكم بشكل عملي وفعلي في كل شؤون الوزارة.


وزير الصحة غفر الله له عندما زار جازان لأربع ساعات لم تكن مهمته إنهاء ملف جريمة حريق مستشفى جازان، ولم تكن مهمته تفقد مشروع توسعة مستشفى صامطة الذي تم اعتماده منذ سنوات، وهو مستشفى يقع في خاصرة الحد الجنوبي ويستقبل جنودنا ومرضانا وتحيل إليه أربعة مستشفيات صغيرة مرضاها وأصبح يئن بالوجع والترهل، لم تكن مهمته تفقد مشاريع المستشفيات (أبو خمسين سريرا) التي حُسبت علينا مستشفيات وهي لا تزيد على مراكز رعاية بدائية، لم تكن مهمته معرفة ماذا حدث للمشاريع الصحية في الجبال التي يموت مرضاها قبل وصولهم إلى أقرب مستشفى، ولم تكن مهمته معرفة لماذا يسافر المئات كل يوم من جازان بحثاً عن العلاج في المدن الكبرى، وعلى نفقتهم الخاصة.

كانت مهمة وزير الصحة في زيارته الأخيرة تدشين مؤتمر، ولبس خوذة وهو يتفقد المستشفى الجريمة (مستشفى جازان) وليخرج لنا بتصريح عن تعثر مشاريع هنا وهناك، ولكي يبشرنا بأنها سُحبت من المقاول ليعاد طرحها.

أحبتي في جازان: زيارة الوزير في حد ذاتها وبهذا الشكل لن تضمد جرحاً، وقد قلت هذا الكلام ذات يوم لوزير الصحة السابق الدكتور أسامة شبكشي وأنا موظف في وزارته فلم يغضب، عاد وتفقد كل شيء، وقال لي لو لم يصدق كلامك سأحاسبك حسابا عسيرا، وعندما تأكد من كل ما قلته قال لي: أشكرك شكراً جزيلاً يا ولدي، لأنك أهديت لي عيوب الوزارة.

معالي وزير الصحة: هل ممكن أن تعود إلى جازان دون عجلة، وعلى مهلك، لترى كيف يعانون أهلك، وأنك مسؤول عنهم أمام الله، وأمام ولي الأمر، وأمام الضمير الإنساني.