-A +A
علي مكي
في الماضي، عندما كان الأهلي، أقصد «أهلي جدة»، يمرّ بمثل هذه الخيبات التي تطالُ واقعه الراهن، كنتُ لا أشعرُ بخوفٍ متزايد عليه مثلما يحدث معي اليوم، ذلك أنه، أي النادي الأهلي، كان له كبير، ومَن له كبير، حتماً ستخمدُ نيران الخوف عليه في قلوب عُشّاقه ومحبيه مهما كانت النتائج ومهما كانت جذوة اشتعالها، لأنّ كبير القوم حتماً سيضع يده على الخلل ويفتح النوافذ والأبواب لرياح التغيير والمعالجة لتكنس كلّ الأخطاء والتعثرات وإن بلغت مدىً متسعاً في بشاعتها!

أما اليوم، وإزاء ما يقع في شارع التحلية من انكسارات وتخبطات وفوضى مريرة، فلا أعتقد أنه مرض عابر أو رمية نردٍ سيئة، بل هو (مرض عضال) بشع يأكل جسد (أهلينا) دون رحمة وبتهاون واضح، حتى وإن كان غير معلن، من بعض المنتمين إليه ومن بعض إعلامه وجمهوره أيضاً!


وأسفاه على «الأهلي»، المؤسسة الحضارية والثقافية والأخلاقية، قبل أن تكون مؤسسة رياضية، إذ يسيرُ، على مهلٍ على مهلٍ، إلى ما يريد كارهوه أن يوصلوه إليه، عبر الفوضى اللاخلاقة التي زرعوا بذورها في ميدان ربيعه الأخضر، فتآكل عشبه ونمت في أرضه البهيّة الباهية نباتات الخلاف لا شوك الاختلاف الذي وإن حدث، كما كان في الزمن القديم، فإنه بكل تأكيد سيزهرُ ورداً في نهاية المطاف، وهو ما تكرر كثيراً في مراحل عديدة في الزمن البعيد والقريب على السواء.

أضحى الأهلي أخيراً بلا سيّد عاقل، بعد أن غاب كبيره، أو على الأدقّ (غُيِّبَ) عن قلعته الحصينة الراسخة عقلاً وفكراً وفناً ودهشة تأخذ بألباب المنافسين قبل الموالين، وتحوّل النادي الراقي الكبير إلى حقل تجارب وتشويهات وفرض قرارات لا وجهات نظر، دون رفّة رمش اعتراض من قبل الذين اختيروا أن يكونوا مسيّرين له، ففتحوا أبوابه للآخرين كي يطلقوا في أرجائه البيضاء سوادهم!

إنني لا أتحدث عن هزيمة أو خسارتين أو حتى سبع، ولا أعني الخروج من بطولة أو اثنتين أو ربما أكثر من ذلك، إنما أقصدُ هذه الفوضى العبثية التي تأكلُ التاريخ الأخضر العظيم بأنيابها الملوثة وتضعه في عهدة الذين لا يقدرون أن يقولوا (لا)!

لستُ ضدّ رئيس بعينه ولكنني ضد أن يصبح الرئيس (أداةً) يحركها الآخرون حسب مزاجهم!

كما أنني لا أتخذ موقفاً ضدياً تجاه لاعب بذاته، ولا أرمي الاتهام إزاء نجم (ما) تضخمت ذاته وصار يلعبُ باستعلاء، ولكنني لا أحترم أي شخص يعتقد بأنّ هذا اللاعب أو ذاك النجم هو خطٌّ أحمر، لأن الخطّ الأحمر هو الكيانُ الأصل، المؤسسة التي وإن غاب أفرادها، ستظلّ باقية باسمها الكبير وإنجازاتها الفريدة، إذ كيف نفهم عودة حسين عبدالغني لناديه بحجة تكريمه في ختام مشواره، وهو ما لا أعترض عليه مطلقاً، إنما أتعجب أن يشارك أساسياً وهو قد بلغ من العمر عتيا!!

أما النجم المتضخم فلا يمكن أن نراه على دكة الاحتياط إلا إذا كان مصاباً!

ربما يصل الأهلي إلى نصف نهائي كأس زايد لكنه، حسب المعطيات التي أمامنا، لن يستطيع إكمال المشوار، فلا يمكن أن نحلم ونتمنى ونتجاهل الحقائق!

أما إعلام الأهلي، فمعظمهم نسوا (أهليهم) وانشغلوا بالهلال الذي يضحك على كل منافسيه، إذ ينشغلون به فيما هو يمضي، كعادته، باسماً مطمئناً، في حصد المزيد من الألقاب ومراكمة بطولاته، موسعاً الفارق في الشكل والمعنى أيضاً!

@ali_makki2