إبراهيم طالع
إبراهيم طالع




مازن عليوي
مازن عليوي




عبدالله ثابت
عبدالله ثابت
-A +A
علي فايع (أبها) alma3e@
لا يكاد يُنشر بيت أو مقطع شعري للشاعر محمد زايد الألمعي إلا ويتناقله المتذوقون وعشاق الشعر في وسائل التواصل الاجتماعية المختلفة، مصفقين له ومعجبين، إمّا ببنائه الشعري أو فكرته أو لغته المختلفة وصوره الشعرية الحيّة والمبتكرة، إلاّ أنّ المتابع للدراسات الأدبية والأكاديمية يلحظ اختفاءً شبه تام لهذا الشاعر وشعره عن هذه الدراسات والمتابعات إلا ما ندر.

فهل غاب الألمعي وشعره أم تمّ تغييبه؟ ولماذا يبتعد النقاد والأكاديميون والدارسون عن هذا الشعر ولا يولونه الاهتمام والتقدير؟ الشاعر إبراهيم طالع يرى أن محمد زايد الألمعي يُعدّ واحداً من ألمع وأهم شعراء المملكة، ومع ذلك لا يهتم النقاد بالفعل بشعره لأسباب يذكر منها طالع أن هناك من الشعراء والأدباء من يتعب بمطاردة الآخرين بتقديم إنتاجه لهم بالإهداءات، تعويضاً عن مأساة التوزيع المعروفة لدينا ومحمد زايد الألمعي كما تعرف ونعرف ليس من هؤلاء، إضافة إلى عدم اهتمامه بطباعة إنتاجه، ويضيف طالع أن نقادنا لا يهتمون بمتابعة النقد الجاد للشعر، ما عدا أكاديميين كل ما أراد أحدهم درجة أو إضافة إلى سيرته اختار ما وجده وكتب عنه، وبأساليب نقدية تكاد أن تكون نسخة واحدة لديهم جميعاً.


ويؤكد طالع أنه من الذين يلحظون بأن الزمن ليس زمن الأدب عموماً، ولذلك تجد الشاعر محمد زايد قد بدأ منذ فترة الاهتمام أكثر بالجانب الفكري والحقوقي.

فيما يرى الشاعر والكاتب السوري مازن عليوي أنّ كتابات الشاعر محمد زايد الألمعي لم تأخذ مكانتها على مستوى النقد والدراسات الأكاديمية لأسباب مرتبطة بالمجتمع من جهة، وبه من جهة أخرى، فالهجوم الذي تعرض له من التيار المتشدد وبلغ أحياناً حد التكفير جعل النقاد يحجمون عن الكتابة عنه في مرحلة سابقة خوفاً من سطوة ذلك التيار.

ويضيف العليوي أن هناك جانباً آخر يتعلق بالألمعي نفسه فإصدارته غائبة، كما أنه لا يستطيع الاستقرار في موقع واحد سواء على مستوى العمل أو المكان، ونشاطاته المنبرية قليلة وما نشره في المطبوعات لا يكفي للدراسة.. وما ينشره في السنوات الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي على الرغم من قيمته الأدبية العالية ليس كافياً.

لكن ما سبق لا يعفي الوسط الأدبي والنقدي منه بالذات أو الجهات المعنية بالثقافة من إهمال أشعار محمد زايد؛ لكون ما قدمه تجربة تستحق الدراسة، ولو ربطنا شخصه بكتاباته لوجدنا حالة ثرية يفترض أن تشكل موضوعاً يمكن له أن يأخذ أكثر من بعد، مجتمعياً وأدبياً وفلسفياً وذهنياً. ويؤكد العليوي أن الألمعي ليس مجرد شاعر، بل هو فيلسوف في الشعر، يكتب بعمق ولديه قدرة على صناعة الدهشة والصورة الحديثة غير التقليدية، وهنا يكمن ما يجب أن يركز عليه الدارسون ليغوصوا أكثر في لوحاته الكتابية. وهناك أمر آخر مهم جداً وهو المناهج الدراسية التي تتجاهل التجارب الحديثة وتركز على الكتابات التقليدية، وبدقة أكثر تركز على الشعر العمودي وتنسى شعر التفعيلة، وهو نمط كتابي له حضوره في الساحة الأدبية ولم يعد ممكناً تجاهله، وأغلب كتابات محمد زايد تنتمي إلى شعر التفعيلة، مع العلم أنه يكتب القصيدة التقليدية بقدرة عالية، وتجربته في الشعر العمودي لا يستهان بها.

محمد زايد الألمعي من جيل عاصر المخاضات والتحولات الاجتماعية، وعليه فإن ما قدمه من كتابات يعد شاهداً على مراحل عدة، بدءاً من سبعينات القرن العشرين وصولاً إلى اليوم، ودراسة ما كتب خيار مثالي لمعرفة رؤية المثقفين في خضمّ التحولات.

أما الشاعر والكاتب عبدالله ثابت فقد رأى أن الألمعي له كنيونته وتركيبته المستقلة، التي لا تقبل التقاطع والشبه، إنساناً وشعراً وعقلاً. وقال: شخصياً كنت من الجيل الذي ترك عليه محمد أثره العميق، وبالرغم من كل العداوات والتشويه الذي طاله، على يد التطرف من جهة، وإهمال قراءة تجربته الممتدة ثقافياً من جهة، إلا إنه يبهرك في كل لقاء. وأحيانا وبعد عشرين عاماً، من تراكم العمر والتجربة، بينما تفكر أنك قد قرأت ما أمكنك، وتقدمت في فهم التاريخ والفكرة والقصيدة، لكنك عندما تلتقي محمد زايد، يأخذك إلى إدهاش لم يخطر ببالك، موقظاً فيك إلحاح الشغف، بسعة الأفق والقلب".