-A +A
عيسى الحليان
علينا أن ندرك بأن أسواق العمل لم تعد كما كانت، وأن البرمجيات تعيد اليوم هندسة أسواق العمل من جديد، وأن القطاعات التقليدية لم تعد هي مستودع الوظائف وخزانه الكبير، وأنه لم يعد من الممكن مستقبلا مواجهة البطالة بأدوات المحلات التجارية والبقالات والسوبرماركتات وأسواق الخضار وغيرها. تنميط الفرص الوظيفية وهندستها تجري بسرعة الصاروخ في العالم، وفي طريقها لغزو كل الأسواق الدولية، وكدليل على ذلك، تشير مصادر المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن 21% من المهارات المطلوبة لأسواق العمل ستكون قد تغيرت خلال خمس سنوات فقط، إضافة إلى تزايد أهمية بعض القطاعات والتي أصبحت طريقها لتكون رأس الحربة في توليد فرص العمل مثل الطيران والسياحة. في سوق كالمملكة من المتوقع أن تصل نسبة برامج الأتمتة إلى 41% خلال السنوات القليلة القادمة وفقاً لرئيس شركة «لينكد إن»، خلاف نصيب التجارة التقليدية في المملكة (القطاع الخاص) لا يتجاوز 22.82% من فرص التوظيف، وبعدد 444.165 عاملا سعوديا فقط فيما تتزايد أهمية بعض القطاعات بالمقابل كقطاع الطيران مثلا، والذي ساهم في تحقيق أكثر من 500 ألف وظيفة في الإمارات (صحيفة البيان 21/‏1/‏2018) فيما قطاع الطيران لدينا لا يوفر ربع هذا العدد رغم حجمه الافتراضي. ولكي تكون الصورة أكثر وضوحا، فإن قطاع البترول والتعدين والمحاجر يوفر 5.41% من فرص العمل للسعوديين بإجمالي عدد 105251 موظفا وتوفر الصناعات التحويلية 1.38% فقط وبعدد 26856 موظفا، فيما ترتفع نسبه خدمات الأعمال إلى 11.6% وبما يوازي 219135 موظفا، أما أقل القطاعات مساهمة في التوظيف فهو قطاع الزراعة والصيد والذي تقل نسبته عن 1% وبما يوازي 16350 عاملا سعوديا، بمعنى أن كل هذه القطاعات الأربعة لاتصل مساهمتها من حيث فرص التوظيف إلى العدد الذي يسهم به قطاع كالطيران تقريبا فما بالك عندما يلتحم بالسياحة ويحلّق معها !