-A +A
عبير الفوزان
بعيداً عن صوت الموسيقى الصاخبة.. قريباً مما ينعش الذاكرة ويحرك الوجدان، ويعيد الذكريات الجميلة والصباحات الأبهى سواء بصوت كوكب الشرق أم كلثوم أو فيروز. تستطيع اليوم أن تتناول فنجان قهوتك وحيداً، جاعلا الصوت والرائحة يشاركانك مقعدك في هذا المقهى الذي كان ميتا إلا من قلة يرتادونه لحد أنك كنت تستطيع أن تسمع فيه حتى همس منهم!

السماح بتذوق الموسيقى والصوت في المقاهي يمنحك ملاذا خاصا نحو ذاكرتك، كما يمنح الذي يجلس بجوارك مع زوجته خصوصية الحديث، فهناك صوت جميل يطغى على نقاش عائلي هامس.


صديقة أسرت لي برأيها على استحياء في ظل حملة الانتقادات على هذا الأمر، أنها باتت تستمتع في المقهى المجاور بعد أن تم السماح بالموسيقى الهادئة، التي طغت على الهمس وقرقعة الفناجين وأصوات الملاعق ومضغ البعض، وأصبحت الحياة فيه أكثر فرحا حتى أن نبتة الصبار أزهرت! الخجل الذي ينتاب البعض من أنهم يصرحون بحقيقة شعورهم حيث المتعة وسط أجواء تذكرهم بالسفر والسياحة والهدوء والجمال، هو خجل مؤقت سينتهي حتما مع اكتشاف أن لا فجور إلا في صوت يصدح بالكذب.

هذه الأصوات الجميلة التي انسابت بهدوء مع فنجان قهوة.. مثل ذلك الصوت الذي يقول: «لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي.. لأجلك يا بهية المساكن يا زهرة المدائن».. أو ذلك الصوت الآخر الذي يقول: «الورد جميل جميل الورد الورد جميل وله أوراق»، هي نعمة تذكي التذوق السمعي، وتجعل المناظر البصرية أجمل.. هذه النعمة هناك من حاول إلغاءها من حياتنا كي ينشغل خالي البال في حياة الآخرين وأسرارهم، والتلصص بأسماعهم على من يجاورهم في المقعد.

* كاتبة سعودية

abeeralfowzan@hotmail.com