-A +A
محمد الساعد
تتعدد الآراء حول موقع المسيحيين الإنساني على سواحل الخليج العربي وتأثيرهم في البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، إلا أنها تكاد تجمع بأن وجوداً مسيحياً مبكراً كان في الكويت والبحرين وسواحل عُمان، إذ يعودون إلى ما قبل العصر الإسلامي، وكان أبرز تواجد لهم في البحرين، وسجل ذلك فيما قبل البعثة حين اعتنقت الإسلام قبيلة عبد القيس «المسيحية»، التي شكلت أغلب سكان البحرين ونواحيها، إلا أنه من الثابت أن لا وجود مسيحيا مستقرا على طول سواحل الخليج العربي، فقد تغيرت ملامح المنطقة ومكوناتها السكانية كثيراً طوال الألفي السنة الماضية، حتى جاء الانتداب البريطاني ثم البعثات الإنجيلية إلى الخليج.

ومع استقلال دول ساحل الخليج العربي واحدة تلو الأخرى بدءاً من الستينات الميلادية وحتى العام 1971، حين كان القطريون آخر من خرج من تحت عباءة صاحبة الجلالة اليزبيث ملكة بريطانيا، حافظت تلك الدول على التواجد المسيحي في أراضيها، إما على شكل جاليات أجنبية أو على شكل سكان محليين، وعلى الرغم من كثافة المسيحيين غير المواطنين فإن الكويت والبحرين وسلطنة عُمان هي الدول الوحيدة التي يوجد بعض من مواطنيها من يعتنق المسيحية ولديهم كنائسهم الخاصة.


يوجد في الكويت 10 كنائس تخدم معظم المرجعيات المسيحية في العالم، ومن بين أكثرية سكانية مسلمة توجد أقليّة مسيحيّة تحصل على كامل حقوق المواطنة، ويصل عدد المواطنين المسيحيين في الكويت نحو 400 شخص، وحسب المصادر ينتمي معظم المسيحيين الكويتيين إلى 12 أسرة كبيرة، ويعتبر الأب «عموانيل غريب» أول قس كويتي في العالم وراعي الكنيسة الإنجيلية بالكويت.

أما في قطر فيعد الوجود المسيحي غريباً إلى حد كبير، فعلى سبيل المثال بنت الدوحة أكبر كنيسة في الشرق الأوسط ومن الأكبر في العالم رغم أنها تخدم عدداً قليلاً من المسيحيين الذين لا يتجاوز عددهم 200 ألف من العاملين فيها إلا أن السلطات القطرية أرادت أن تثبت للمرجعيات المسيحية الغربية تفانيها في دعم المسيحية في الجزيرة العربية، بالطبع كنيسة الدوحة الكبيرة افتتحت العام 2008، وهي الأولى من 5 كنائس تم تشييدها في العاصمة القطرية الدوحة، وشارك كاردينال مبعوثاً من قبل الفاتيكان في افتتاح الكنيسة الكاثوليكية فيها.

في الإمارات العربية المتحدة يشكل الكاثوليك غالبية المسيحيين المقيمين في الإمارات، وهناك 7 كنائس نظراً لوجود جالية تعمل في الشركات والمؤسسات المنتشرة في الإمارات السبع، إلا أنه لا يوجد مسيحيون إماراتيون بل حافظوا على مرجعيتهم الإسلامية منذ دخولهم للإسلام في العهد النبوي.

وفي سلطنة عمان يشكل الهنود الكاثوليك غالبية المسيحيين المقيمين هناك، ويمارس عشرات آلاف من الارثوذكس والبروتستانت شعائرهم في كنائسهم التي بنيت في وقت مبكر من القرن الحالي.

وتتفرد البحرين بأنها تضم أقدم كنيسة حديثة في منطقة الخليج التي أسسها المرسلون الإنجيليون الأمريكيون، ويعود تاريخ إنشاء الكنيسة الإنجيلية الوطنية ذات المرجعية البروتستانتية إلى العام 1906، كما تضم البحرين عدة كنائس للكاثوليك والارثوذكس ويقدر عدد المسيحيين الحاملين للجنسية البحرينية بنحو ألف شخص، وقد تمثلت الأقلية المسيحية في البحرين بعضوية مجلس الشورى منذ التسعينات من القرن الماضي.

في الأغلب الوجود المسيحي في الخليج لا يخرج عن كونه «مظاهر مسيحية» لا تتعدى بناء كنائس لخدمة العاملين المسيحيين وعائلاتهم الذين يتوافدون للعمل ويقيمون مؤقتاً في دول الخليج العربي ثم يغادرون إلى بلدانهم، دون أن يكون لإقامتهم الطويلة أو القصيرة تأثير واضح في الحياة الاجتماعية، فالمكون السكاني في الخليج إسلامي وسيبقى كذلك نتيجة لعمقه في وجدان أهله.

* كاتب سعودي