-A +A
هناء الثبيتي - محاضر بجامعة الطائف hanaotibi@
«قدمت من فرنسا منذ فترة قريبة، وقد أحببت هذه المدينة، فهي ربيع طوال العام، كما أنني سمعت عن الرمان الطائفي، ولكن لا أعلم من أين يمكنني الحصول عليه؟»، بهذه الكلمات ابتدأت زميلة العمل شهرزاد الفرنسية من أصول جزائرية حديثها معي عن مدينة الطائف، كانت تتحدث بحماس مبهج حتى سرى بعروقي فيض من السعادة، على الرغم من امتعاضها لعدم توافر معلومات أو جهات تساعدها في تدبر أمورها كونها تزور الطائف للمرة الأولى، حينها عادت بي الذكريات إلى أيام ابتعاثي لإحدى الدول، وكيف أن المؤسسات المجتمعية تتنافس فيما بينها بتقديم أفضل الخدمات والمزايا للقادمين الجدد سواء لغرض العمل، التعلم، العلاج والهجرة، كذلك من أشكال الخدمات التي توفرها تلك الدولة لزائريها للمرة الأولى (الدليل الإرشادي) الذي هو عبارة عن كتيب يصدر من مجلس المدينة يحوي معلومات شاملة عن أماكن السكن الملائمة، خدمات الرعاية الصحية، خدمات التعليم، النظام القانوني في المدينة وكيفية التعامل مع المشكلات المختلفة كالتنمر والتمييز العرقي والتحرش وغيرها.

كما يحتوي الدليل الثمين إرشادات الحفاظ على البيئة من ترشيد استهلاك وحفاظ على الممتلكات العامة، إضافة إلى عناوين الجهات الحيوية الموجودة مثل المدارس، مراكز الشرطة، المستشفيات، البنوك، المكتبات العامة، الحدائق وأماكن الترفيه في المدينة، والجميل توفر هذا الدليل بلغات كالعربية والصينية والبنجابية وغيرها، والأجمل من ذلك توفره خلال موقع إلكتروني خاص بالقادمين الجدد، وأيضاً من خلال تطبيقات الهواتف المحمولة، قادني الفضول إلى البحث عن أدلة إرشادية في المجتمع السعودي تشبه هذا الدليل الذي ما زلت أحتفظ به لفضله الكبير في تيسير كثير من أموري، وتفاجأت بعدم وجود دليل إرشادي متكامل للقادمين إلى مملكتنا الحبيبة، وأن المتوفر عبارة عن إرشادات أصدرتها المديرية العامة للجوزات للطلبة والوافدين لا تتجاوز الصفحة أو الصفحتين!!.


لماذا لا يوجد لدينا دليل إرشادي بشكله الصحيح؟ تتبناه على سبيل المثال لا الحصر وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ويوزع من خلال مراكز الأحياء، نوادي الأحياء، المدارس، ولا يمنع أن يوزع في المطار أيضاً، كما يمكن تفعيل مواقع إلكترونية تهتم بالزائرين والقادمين الجدد، لاسيما أن السعودية أصبحت من أكثر وجهات العالم إقبالاً وتفضيلاً، وخلاصة القول إن التنمية الحقيقية لأي مجتمع تبدأ من حفظ حقوق الآخرين وتأدية واجباتهم، وإن إشعار الزائر أو العامل أو الطالب بالحفاوة والتقدير ومساعدته على الاستقرار خلال أيامه الأولى هو من أبسط الواجبات التي يمكن أن تقدمها مؤسساتنا القديرة في دولة العدل والإنسانية.