-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
تشهد مختلف القطاعات حراكاً نشطاً في توطين الوظائف مع برامج تدريب ودعم التوظيف، في نفس الوقت العين دائماً على نسبة البطالة التي بلغت حسب إحصاءات وزارة العمل 13% العام الماضي 2018، معظمها بين الإناث، وقد اتسعت لهن مجالات مناسبة لاستيعاب المزيد.. بالتوازي مع ذلك انطلقت مشاريع تنموية ضخمة باستثمارات هائلة ذات عائدات وظيفية طموحة تثير التفاؤل، وتعكس (التفكير خارج الصندوق) على ضوء رؤية 2030 في تنويع مصادر الدخل واستثمار الثروة البشرية الوطنية.

الملاحظة القائمة أن هناك فرص عمل كثيرة لا تحتاج إلى تخصص بقدر ما تتطلب تدريباً سريعاً على رأس العمل، يكفي فيها التعلُّم بملاحظات ومهارات بسيطة، وأسوق مثالاً على ذلك محلات بيع الحلويات ومثيلاتها، فإذا كانت صناعة المنتج تحتاج لخبرة جيدة فإن مهنة البيع يسهل اكتسابها في هذه الأنشطة البسيطة، وقد قصدت أحد محلات الحلويات ووجدت سعوديتين تعملان في المبيعات وأيضاً عدداً محدوداً من الوافدين، والسؤال: هل توطين فرص عمل كهذه يتم تدريجياً أم هو تغطية لنسبة السعودة رغم إمكانية تحقيقها بالكامل في معارض البيع؟


نعرف جيداً أن التطبيق في الواقع له ظروفه وتحدياته ومعوقاته أحياناً، لأسباب يعود بعضها إلى القطاع الخاص أو المواطن، حيث توجد تفاصيل كثيرة بالنسبة للقبول والاستقرار في العمل، وكذلك التسرب وعدم الاستمرار الذي قد يرجع فيه هذا وذاك إلى طبيعة الدوام والراتب، أو توفر فرص أفضل أمام المواطن والمواطنة. لذلك نحتاج في هذه المرحلة إلى المزيد من النقاش لدعم ثقافة العمل لدى طالبيه وحث القطاع الخاص على المزيد من التوظيف.

فكما للتوطين قيمة ومصلحة وطنية عامة مطلوب تعظيمها لدى القطاع الخاص، كذلك في المقابل تعزيز ثقافة الاستقرار في الوظيفة واكتساب الخبرات باعتبارها أساس النجاح والقيمة الأهم، إذا استطاع الشاب والفتاة دخول عالم رواد الأعمال بمشروع صغير يستثمران فيه خبراتهما العملية، فما أروعها تجربة إذا اكتسب الإنسان خبرة في عمله واستوعب مجاله واقتصادياته، وهذا هو رأس المال الأهم.

في نفس الوقت نتمنى تقييماً منتظماً لمدى الاستقرار الوظيفي لأبنائنا وبناتنا بالقطاع الخاص، فدور الوزارة وأجهزتها المعنية لا ينتهي بالتوظيف الذي قد يستقر فيه المواطن، وقد لا يطول أمده، ومن شأن هذا التقييم في الواقع، توفير بيانات أكثر دقة لنتائج خطط التوطين والإحلال، ومن ثم يمكن تطوير الخطط والقرارات لمعالجة الثغرات والمعوقات.

جانب آخر مهم يتعلق ببعض التخصصات التي لا تزال تشهد فجوات كالقطاعات الهندسية وكذا طب الأسنان الذي سبق وصدر قرار بتوطينه وعدم الاستقدام عليه، ومع ذلك لا تزال البطالة قائمة لكثير من الخريجين والخريجات، وهو ما طرحته (عكاظ) مؤخراً عن وجود 900 طبيب أسنان سعودي بدون عمل، وهناك 26 كلية طب أسنان حكومية وخاصة يتخرج منها أكثر من ألفي طبيب سنوياً، فيما يبلغ عدد ممارسي طب الأسنان في المملكة نحو 10 آلاف طبيب، نسبة السعوديين منهم 25%.

نعم قد تكون هناك حاجة لوجود استشاريين لسنوات معدودة في تخصصات دقيقة كجراحات الأسنان، لكن مثل هذا الرقم من الممارسين الأجانب على درجة (طبيب أسنان عام) أمر يحتاج إلى مراجعة، فهل لدى وزارة الصحة ما يجيب على علامات الاستفهام بشأن ذلك والتخطيط لمستقبل هذا العدد السنوي من الخريجين والخريجات، أم لم تبدأ بعد حسم هذا الملف غير المبرر؟

* كاتب سعودي