-A +A
مشاعل العيسى *
أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أنّ عناصر من تنظيم الإخوان المسلمين اخترقت النظام التعليمي السعودي، مشدداً على أنه سيتم القضاء على عناصر هذه الجماعة في فترة قصيرة. وقال: «لا توجد دولة تقبل أن يكون نظامها التعليمي مخترقاً من جماعة راديكالية». وبعد ثورات الحريق العربي وبروز «داعش»، توجهت للمقرر الدراسي لفحص ما جاء فيه على أمل أن أجد في المقررات تفاعلاً مع الواقع الذي مرت به بلادنا من الهجمات الفكرية والعلمية لجماعات العنف، وخصوصا جماعة الإخوان؛ حيث إن التعليم مظنة الحماية والوقاية الأولى، فقمت بتحليل محتوى 77 مقرراً من مقررات التعليم في المملكة للمرحلة الثانوية، للأعوام الأربعة الماضية من 1434 إلى 1439هـ وقد شملت عينة الدراسة جميع التخصصات ما عدا المواد العلمية واللغة الإنجليزية. وتوصلت إلى نتائج، يعنينا منها الرد على السؤال الذي أثير حول حجم اختراق الإخوان لمناهجنا الدراسية، أضف إلى ذلك خوفنا من تحقق مشروعهم (الخطة الثلاثينية للاستحواذ على التعليم) لنجيب عن سؤال مفصلي: هل استحوذوا على التعليم جيلاً كاملاً؟

قبل الحديث عن النتائج ينبغي التنبه إلى أمور:


* إن هذا النقد العلمي ليس من قبيل البحث عن العيوب والزلات؛ بل هو من باب النصيحة التي يوجبها الدين، والموضوعية التي تؤكدها قواعد البحث العلمي.

* ما تم رصده من مخالفات وأخطاء قليل جداً، ولكن هذا الخطأ القليل لا ينبغي وقوعه في المقررات الدراسية خاصة.

* إننا عندما نتحدث عن أخونة التعليم، فنحن لا نعني اتهام مناهجنا بالتطرف والعنف، لذا فإنه ينبغي فك الارتباط بين الأخونة وبين منهج أهل السنة والجماعة الذي قامت عليه هذه البلاد؛ لأن الإخوان إنما هم عدو للسنة كما قال الشيخ الألباني (رحمه الله).

* حينما نتهم المناهج بأنها مخترقة فلا يعني ذلك أن هذا الاختراق واضح وبارز، بل إن الغموض هو الوصف المناسب لكلمة «اختراق» بمعنى أن هناك أساليب في غاية الخفاء لا تظهر إلا للمتفحص الذي تخلى عن أي حكم مسبق.

لذا فإنه حري بنا قبل أن نستسلم للمخاوف أو للمسلمات الراسخة وتحيزاتنا الفكرية والعاطفية أن نحسم مادة النقاش بالتجربة والبرهان، وذلك بفحص المقررات وإخضاعها للبحث العلمي، للتوصل إلى معرفة مدى وجود فكر التطرف والغلو «المتمثل في منهج الخوارج عموماً والإخوان المسلمين خصوصاً»، ولننظر في الأمر من خلال أساليب فرقة الإخوان، إذ إن لهم علامات وسمات يعرفون بها، منها:

أولاً: عدم العناية بالعقيدة والتوحيد؛ كما نص على ذلك العلامة ابن باز (رحمه الله).

وهذه السمة لم تظهر جلية بسبب صلابة الأسس التي قامت عليها مقررات المواد الدينية، وإن كان هناك فراغ يشكل خطراً، ومع ذلك فهناك أخطاء تتعلق بالعقيدة في المقررات المرصودة، ومنها:

1- إيراد نصوص لا تتفق مع توقير القرآن الكريم، وظهر ذلك في نص للجاحظ يروي فيه قصة رجل يتلاعب بآيات الله بهذه العبارة: فلقاه شيخ له ضفيرتان فقال: «يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج».. كما قال الله (لا يعجز القوم إذا تعاونوا) وفي هذا تجريء للمتعلم على ذلك.

2- في مقرر اللغة استخفاف باسم الله (الوكيل): «فقال أحدهم عندما عُين وكيلاً في المدرسة يهنئه: (حسبنا الله، ونعم الوكيل)»، فهل تليق هذه العبارة!.

3- إساءة الأدب عند الحديث عن نساء النبي (صلى الله عليه وسلم)، ووصفهن في أحد المقررات (كانت الغيرة تشغل حياتهن)، فوجود الغيرة عندهن كنساء -رضي الله عنهن- لا يعني أنهن انشغلن بها، بل كن منشغلات بما ينفعهن من خدمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وتعلم العلم وبذله والإحسان للناس.

4- تكرار موضوع (الحكم بغير ما أنزل الله) و(التكفير) في كل مقررات التوحيد؛ على الرغم من أهمية إبعاد الطلاب عن مثل هذه الموضوعات، فإما أن يذكر الموضوع بكل تفاصيله الصعبة والدقيقة، أو يترك لحين التخصص في الجامعة -وهو الأسلم-؛ فقد ورد في [نصيحة قيمة] للشيخ ابن عثيمين (رحمه الله) قوله حينما سئل عن الحكم بغير ما أنزل الله: «والذي أرى أولاً: ألّا يشتغل الشباب بهذه المسألة، وهل الحاكم كافر؟ أو غير كافر؟ وهل يجوز أن نخرج عليه؟ أولا يجوز؟ على الشباب أن يهتموا بعباداتهم التي أوجبها الله عليهم، أو ندبهم إليها، وأن يتركوا ما نهاهم الله عنه كراهة أو تحريماً، وأن يحرصوا على التآلف بينهم، والاتفاق».

5- وضع الربا ضمن مجرد المعاصي وليس الكبائر؛ رغم وجود درس يسبقه مباشرة بعنوان «الكبائر»، ولقد تردد ذكر الربا ضمن المعاصي في أكثر من موضع، بل إن الغناء سبقه في الترتيب، ما يوحي بأن الغناء أعظم من الربا!.

6- تقسيم مقرر التفسير إلى أقسام محدثة ليس لها أصل: (التفسير العلمي والتجريبي) ومنها (المتعلق بالإعجاز العلمي)، والكلام في هذا علاوة على عدم تحريره وكثرة الخوض فيه بالباطل، فقد حذر العلماء من الخوض فيه كابن عثيمين (رحمه الله).

7- الاستشهاد بأحاديث، إما ضعيفة مثل: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، أو ما ليس بحديث مثل: «الدين المعاملة»، أو ما لا أصل له مثل حديث «الضعيف أمير الركب» مع عدم العناية بالتوثيق وتخريج الأحاديث.

8- الثناء على شخصيات وكتب كان ينبغي التحذير منها أو تركها، ومكمن الخطورة هو أن الاستشهاد بشخصية في المقرر المدرسي -الذي هو مظنة النقاء- يجعل الطالب يثق بهذه الشخصية ويبحث عنها ويقرأ لها ويتأثر بفكرها، فعلى سبيل المثال:

1) الثناء على شيخ المعتزلة واصل بن عطاء مرتين، ووصفه بالفصاحة رغم أنه شديد اللثغ، وفوق ذلك هو معتزلي، قال عنه الذهبي: «إن واصل بن عطاء روي عنه جرأة على كتاب الله تعالى بسبب لثغته؛ وكان يجيز القراءة بالمعنى، وهذه جرأة على كتاب الله العزيز».

2) الثناء على كتاب «إحياء علوم الدين» للغزالي الذي حذر منه العلماء، وقال ابن الجوزي: أعلم أن في كتاب «الإحياء» آفات لا يعلمها إلا العلماء، وأقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة، وقال الطرطوشي: «لا أعلم كتاباً على بسيط الأرض في مبلغ علمي أكثر كذباً على رسول الله منه».

ثانياً: الإجمال والاختصار في القضايا العامة كإنكار المنكر دون شرح واضح ومفصل، وتوظيف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على غير طريق أهل السنة، برز ذلك من خلال:

1- كثافة وتكرار (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) والذي تكرر في 15 موضعاً، وأقحم في أمثلة مواد الأدب والبلاغة والدراسات النفسية والاجتماعية.

2- كتب في المقرر نصاً بأن تغيير المنكر: (واجب على كل فرد) وهذا غير صحيح فمن أنكر المنكر ولم يستطع تغييره فهو آثم على حسب هذه العبارة! و(ينبغي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة)، وهذا كلام فضفاض يفسره كل شخص على هواه! ويوقع الجيل في إشكالية وفوضى فكرية؛ ونحن نعلم أن النهي عن المنكر اتخذ ذريعة ووسيلة للطعن في ولاة الأمر كما جاء في وصية ابن سبأ لأتباعه من الخوارج، ويصبح الأمر خطيراً إذا لم تذكر شروط الإنكار إلا في مادة الحديث فقط ودون تفصيل، وذلك لا يكفي؛ فإما أن توضح شروط النهي عن المنكر في كل مقرر ورد فيه أو يحال على موضع التفصيل، أو أن يترك الكلام في هذا الموضوع الشائك في كل المقررات عدا المواد الدينية وبالتفصيل، مع ذكر نماذج من صور الانحراف المعاصرة في هذا الباب كالمظاهرات والثورات.

ثالثاً: التزهيد في أصل السمع والطاعة لولاة الأمر، وتم ذلك بطرق عدة، منها:

أ - الاختصار في مواضيع شائكة وشديدة الغموض على الجيل مثل: حقوق الرعية والبيعة، وحق ولي الأمر ونصيحة الحاكم، والحكم بغير ما أنزل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفكر الخوارج والغلاة.. وقد برز في:

1- غموض معنى ولي الأمر في درس حقوق الراعي والرعية وحقوق ولاة الأمور.

2- الاختصار في بيان خطر فرقة الخوارج (ذكرت هذه الفرقة في نصف صفحة فقط) رغم خطورتها على الأمة على مدى قرون، وما زلنا نعاني منها، وكان الأولى بسط الحديث عنهم وتفنيد أهم شبهاتهم، وذكر صفاتهم حتى يتجنبهم النشء، أما السبئية التي ولدت الفكر الخارجي فقد جاءت في ربع صفحة، ثم اختفت نهائياً في الطبعات الأخيرة!.

3- عدم التفصيل في درس «الولاء والبراء»، ففي الموالاة لم يذكر فيها جواز الاستعانة بالأجنبي لصد العدوان، وبأن ذلك ليس من المولاة والمحبة.. خصوصا أن هذه القضية هي التي أشغلت الشباب إبان غزو الكويت بسبب مشاركة قوات أجنبية في التحالف ضد الغزو العراقي للكويت، والغريب أن جواز الاستعانة بالأجنبي كانت قد ذكرت في طبعة 1435هـ لكنها حذفت من الطبعة 1436هـ ثم أعيدت في الطبعة الأخيرة 1439هـ، وعلى كل حال كان ينبغي ربط هذا الأمر بالواقع بذكر أهم مثال وهو (دخول السعودية في تحالف مع قوات أجنبية في حرب الخليج وتحرير الكويت) مع إرفاق فتوى الشيخ ابن باز واعتماده في الفتوى على استعانة النبي بقبيلة خزاعة المشركة في حربه ضد مشركي قريش. (إن هذه الأمور من الأمور المهمة التي تسد الطريق على الخوارج الذين لوثوا فكر الشباب بشبهات حرفتهم للتكفير والخروج).

4- الاختصار في ذكر البدع الاعتقادية، ففي درس البدع ذكرت (الخوارج والمرجئة) كأمثلة فقط، واقتصرت مقررات التوحيد على ذكر بدع العبادات (الصلاة والحج والعمرة والميقات فقط)! رغم أن الخروج باللسان والسلاح والاعتصامات والمظاهرات هي من البدع المنتشرة في هذا العصر، وكذلك نقض البيعة والتحريض على الحكام والانتقاد العلني من البدع أيضاً، فلماذا تم إغفال هذا الأمر الخطير؟!

ب - المغالطة في بعض المعاني بالتمييع والتمويه أو البتر، من خلال:

1- قصر معنى (الحكم بغير ما أنزل الله) على الحاكم والقاضي، بينما هو عام في كل من تولى الحكم بين اثنين كما قال شيخ الإسلام.

2- عند الحديث عن البيعة في مادة التاريخ وردت عبارة: «الانتخاب والشورى تعكس حق الأمة ودورها في اختيار حكامها»، وهذا ما جسده قول أبي بكر: «إن الله قد رد عليكم أمركم فأمروا عليكم من أحببتم»، واقتبس هذا الكلام من موقع إسلام ويب من كتاب «التعددية السياسية في الدولة» للقيادي الإخواني صلاح الصاوي! وهذا الكلام خطير؛ وفيه مغالطة شرعية؛ فالحاكم أو السلطان أو الإمام في شريعة الإسلام هو مَن يحكم ويلزم له السمع والطاعة، سواء كان وصوله للحكم بالاستخلاف أو المشورة أو التنازل أو التوريث والملك أو الغلبة، وسواء توفّرت فيه صفات الإمامة أو لم تتوفر. (كما استخدم كتاب لصلاح الصاوي مرجعا لمادة علم الاجتماع 1436هـ للصف الثالث ثانوي).

3- البتر في بعض الدروس الشائكة، مثلاً: في شرح معنى السمع والطاعة عند الأمر بالمعصية وردت عبارة: «فإذا أمر الحاكم بمعصية فلا سمع ولا طاعة»، أين بقية التفاصيل المهمة؟ لماذا لم يتم التوضيح والتنبيه إلى وجوب الإبقاء على السمع والطاعة في المعروف، وأن هذا الأمر بالمعصية لا يسوغ الخروج على الحاكم.

4- تضخيم بعض المعاصي وجعلها أخطر من البدع، وهذا فيه تدليس على الطلاب، قال ابن تيمية: «وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب»، فقد طُلب من الطالب في نصح من يرسل رسالة بلوتوث سيئة، وكتابة رسالة يوجهها لمن ابتلي بالمعاصي مثل: سماع الغناء، من يقع في الغيبة.. ولم يطلب منه في المقررات جميعها نهياً عن البدع، وهذا التركيز جعل المجتمع يضخم المعاصي أكثر من البدع الاعتقادية والعملية.

5- في شرح حديث العرباض (وهو من أعظم أحاديث السمع والطاعة) تم التقليل من الموضوع الرئيس (السمع والطاعة لولي الأمر)، فاهتم الشرح بالموعظة وآدابها وأوقاتها فجاءت الفقرات الأربع الأولى عن الموعظة، أما السمع والطاعة ففي الفقرة الخامسة! لقد اعتنى الدرس بقول الصحابي أكثر من قول النبي (صلى الله عليه وسلم)!.

ج- بتر أجزاء من التاريخ، ومحو تاريخ الخوارج:

1) حذف تاريخ الخليفتين عثمان وعلي -رضي الله عنهما- وإخفاء عصرهما بكامله من مقرر التاريخ 1439هـ والانتقال مباشرة إلى العصر الأموي، مع ذكر تفاصيل حروب أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما).. ففقدنا المعرفة ببداية الخوارج، وبحرب الخوارج في النهروان، فهل هذا الحذف متعمد؟ ربما، خصوصا أن عثمان عدو الخوارج، وقتال عليّ لهم أمر لا ينبغي إظهاره عند الحزبيين.

2) عدم التفصيل في بيان حال الخوارج وخطورتهم وأفعالهم الشنيعة عبر التاريخ، فقد تجاهل التاريخ وجود أكثر من 12 حركة من حركات الخوارج وثوراتهم في الدولة الأموية فقط، كما لم تذكر فتنة (ابن الأشعث) التي قد يسهم شرحها في توعية الجيل.

3) لم تذكر تفاصيل «ثورة الزنج» في العصر العباسي رغم ما فيها من دروس وعبر، كما لم تذكر تفاصيل أفعال «الحشاشين» وهي الفرقة التي دوخت الدولة العباسية 22 سنة، وكذلك لم يذكر تفاصيل ما أحدثه «القرامطة» في العالم الإسلامي، (لقد تم الاكتفاء بذكر كل فرقة في سطرين فقط)، كما لم تذكر فتنة (خلق القرآن) التي هي نموذج في التعامل مع الحكام والصبر عليهم.

4) إيراد عبارة خاطئة، وهي: «صلاح الدين غيّر ما كان في نفسه من الفساد فغيّر الله على يديه ما كان من قومه».

5) لم يذكر في تاريخ الدولة السعودية صراحة بأن نجد كانت (مستقلة) ولم تخضع للحكم العثماني أبداً. (وهو مهم للرد على اتهام السعودية بالخروج على الدولة العثمانية).

6) تجاهل ذكر تفاصيل مجازر الدولة العثمانية في الجزيرة العربية، واختصار الأضرار التي تسببت بها حملة محمد علي باشا.

7) تجاهل ذكر مقولات أئمة الدولة السعودية وملوكها عن فلسطين، والاكتفاء بقول السلطان العثماني عبدالحميد! رغم أن كل ملوكها بدءاً بالمؤسس (رحمه الله) وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله) قد نصوا على أن فلسطين قضيتهم الأولى.

رابعا: الجهر بالنصيحة مع الولاة والتحريض على الحكام، وتعظيم أخطاء الحكومة مع ستر محاسنها، وتم ذلك من خلال القصص:

لقد استشهدت المقررات بعدد من القصص، لكن الملاحظ أن التركيز فيها كان على (ولاة الأمور والحكام والأمراء والوزراء والسلاطين) وإظهارهم بمظهر الظالم أو الجاهل أو الجبان والضعيف أو الكاذب أو الساذج، وقد برزت هذه القصص في (57) موضعاً من مقررات اللغة، وهذا لا شك له أثره في صنع صورة نمطية سيئة عن الأمراء والولاة وترسيخ فكرة فسادهم وحدهم. وقد تنوعت على النحو التالي: أ- هناك قصص تحرض على الخروج على ولاة الأمر أو التمرد عليهم ونصحهم علناً، والتقليل من هيبتهم بالتحريض الصريح عليهم والتشجيع على الثورة والعصيان والتأصيل للإنكار العلني والاعتصامات، والتقليل من شأن ولي الأمر وتشجيع الجرأة عليه في 12 موضعاً، مثل:

1) مدح موقف عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من شروط صلح الحديبية، ورده على النبي بعبارة: «لقد سطر الفاروق أروع المواقف التوكيدية وكان واضحاً في الحق»، فهل الرد على النبي وضوحاً للحق؟ وهل فاتهم ندمه على هذا؟ (ولقد تكررت هذه العبارة في ط 1439هـ).

2) إيراد هذه العبارة: (أبو العلاء الحضرمي قاد الجيش دون موافقة الخليفة) ثم الإخبار بأنه انتصر! وعلاوة على أنها لا تقدم فائدة، فهي تشجع على التمرد والعصيان وعدم الاستئذان من ولي الأمر عند الجهاد، (كما أن الطالب قد يعتقد أن ذلك حجة للخروج لمواطن الصراع دون الرجوع للحاكم، ما دام قد فعل هذا الفعل صحابي ومن قادة المسلمين).

3) ذكر قصة العز بن عبدالسلام وإنكاره على الحاكم علناً؛ رغم أن فعله لا يحتج به ومخالف للشرع، إلا أن الدرس ظل يثني عليه بأنه ينهى عن المنكر ولا يخاف في الله لومة لائم، وكتب في المقرر: (إنكاره على الصالح إسماعيل)، وكأن المقرر يقرّ هذه الأعمال المخالفة للسنة! (ومن المعروف أن الحزبيين يستشهدون بالعز بن عبدالسلام كثيراً).

4) الاستشهاد بقول العز بن عبدالسلام للسلطان قطز «إذا أحضرت ما عندك وما عند حريمك وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلي المحرم اتخاذها وضربته سكة ونقداً وفرقته على الجيش ولم تعلم بكفايتهم، في ذلك الوقت اطلب القرض، وأما قبل ذلك فلا، فامتثل الجميع لقوله»، أليس هذا تحريضاً وإثارة للشعب على أولياء الأمور؟.

5) ورود هذه العبارة: «وفساد المجتمعات كثيراً ما ينشأ من فساد أكابره وزعمائه البارزين». وهذه العبارة «أن سبب ضياع الأمة هو ملوكها وكبراؤها»، فحصر سبب تأخر الأمة في الملوك، وهذا فيه صرف للذهن عن الخونة والمنافقين والمترفين الفاسقين.

7) بروز التحريض العلني في بيت لبشار بن برد وهو يصف جيشاً:

إذا الملك الجبار صعّر خده مشينا إليه بالسيوف نعاتبه

وجاء الشرح في ص39 أسوأ من البيت نفسه: «إنه هو وقومه لا يعاتبون الملك الجبار الظالم بالكلام وإنما بالسيوف والحرب»، أليس في هذا ثناء على الخروج على الحاكم بالسيف؟ ولقد تم حذف هذا البيت من طبعة 1439هـ

8) إيراد مقاطع ثائرة من قصيدة (سرنديب) للبارودي، وأخطر ما وضع منها: يقولُ أُناسٌ إنِّني ثُرتُ خالِعاً... وَلَكِنَّنِي نَادَيْتُ بِالْعَدْلِ طَالِباً... أمرتُ بِمعروفٍ وأنكرتُ مُنكراً... وذلك حكم في رقاب الخلائق.. فمثل هذه الأبيات تشحن النفوس وتجعلها تثور بدعوى النهي عن المنكر.

9) وضع قصة تشجع على (الاعتصامات وقطع الطريق) بعنوان «جلوس الغرباء»، وبأن المرء إذا أراد بيتاً فعليه الاعتصام أمام باب الدار ثم يأخذه بقوته، وتكررت هذه القصة في موضع آخر في المقرر نفسه.

10) الاستشهاد بقصة من «كليلة ودمنة» (الأسد والثور) وقد انتشرت في قوقل تحت عنوان «الحقوق»، وتوحي بأن المظاهرات والغوغاء لا تؤثران على الشعب وإنما على الملوك، وقد ورد في المقرر صراحة بأن كتاب «كليلة ودمنة» أراد منه مؤلفه (تكثيف الوعي السياسي).

ب- تمت الاستعانة بقصص ومقولات (لم تثبت) تحث على التحريض على الحكام والتقليل من شأنهم، مثل:

1) قصة المرأة التي خاطبت هارون الرشيد ودعت عليه لأنه سجن ابنها.. وكأن الهدف هو الجرأة على ولي الأمر.

2) قصة فتح عمورية، وخرافة المرأة التي صرخت «وامعتصماه!»، وبأن الروم أهانوا امرأة مسلمة فجهز لها المعتصم جيشاً وهذه القصة لا أصل لها، وللأسف فقد أخفى المقرر القصة الحقيقية؛ وهي أن الروم اعتدوا على مدينة زبطرة (مسقط رأس أم المعتصم) فجهز جيشاً للانتقام من البيزنطيين.

3) قصة ضرب ابن عمرو بن العاص للقبطي، وقول عمر لابن العاص: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ اضرب ابن الأكرمين»، وهذه القصة ضعيفة سنداً ومتناً، واهية منكرة.

خامساً: التحامل على بني أمية في المقررات والإساءة لمعاوية -رضي الله عنه- خاصة.

لقد ظهر التحامل على بني أمية في المقررات ورميهم بالظلم والطغيان، رغم أن عهد بني أمية كان أزهى العصور، وفيه أعظم الفتوحات، وفيه اعتز العرب والمسلمون، وكانت خلافتهم أقرب للسنة ممن جاء بعدهم، وأبرز الأمثلة: 1) التحامل على الخليفة عثمان -رضي الله عنه- وإخفاء عصره من مقرر التاريخ 1439هـ، وإذا عرفنا مدى بغض الإخوان لعثمان زال العجب.

2) في درس الأوقاف ذُكر وقف لعمر بن الخطاب، وتم تجاهل وقف عثمان الذي ما زال موجوداً حتى يومنا هذا.

3) وردت هذه العبارة عند الحديث عن العصر الأموي: «الخليفة الأموي يرشح أحد أولاده وإخوانه لولاية العهد رغم أن هذا المنهج في تولي الخلافة يختلف عما كانت عليه في عصر الخلفاء الراشدين...».

4) وردت عبارة: «يقصد بالعصر الأموي بوقت إعلان معاوية نفسه خليفة وامتد فيها حكم بني أمية بالثورات تسعين عاماً»، أليس فيها فتوحات عظيمة ونهضة علمية؟

5) التحامل على الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- ففي درس «الإبداع في اللغة» خصصت 3 قصص للإساءة لمعاوية.

6) التدليس في مقرر التاريخ عند ذكر طريقة تولية معاوية -رضي الله عنه- يزيد الخلافة، فقد وردت عبارات غريبة وهي: «تم اختيار الخلفاء الراشدين الأربعة عن طريق الشورى والانتخاب، حيث كانت تتم البيعة الأولى الخاصة ثم البيعة العامة في المسجد، إلا أنه عندما آلت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان تغير نظام الشورى بتولي ابنه يزيد الحكم، وبذلك ظهر النظام الوراثي الملكي»، وهذه العبارة فيها إيحاء بنقد النظام الملكي، كما أن هناك مغالطة تاريخية، فالخلفاء لم يعينوا كلهم بالشورى كما توهم العبارة. كما أنه ليس صحيحاً ما ذكر من أن معاوية -رضي الله عنه- لم يستشر أحداً؛ والحقيقة أنه -رضي الله عنه- استشار أهل الشام، فاقترحوا أن يكون الخليفة من بعده من بني أمية، فرشح ابنه يزيد، فجاءت الموافقة من مصر وباقي البلاد، فعزم على أخذ البيعة لابنه، بعد أن شاور كبار الصحابة وسادات القوم وولاة الأمصار، وجاءته الوفود بالموافقة وبايعه الكثير من الصحابة، بل إن الذي دعا معاوية لذلك، إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس، باتفاق أهل الحل والعقد عليه.

7) إيراد أبيات عبدالله الرقيات الذي يذم فيها بني أمية وفيها ما يثير العصبية، مثل:

أنا عَنكُم بَني أُمَيَّةَ مُزوَرٌّ وَأَنتُم في نَفسِيَ الأَعداءُ

سادساً: النزعة الفارسية في المقررات (سوف أفرد لها مقالاً خاصاً).

سابعاً: عدم ربط الناس بالعلماء المعروفين بسلامتهم من الحزبية، بل وعدم العناية بأقوال الصحابة، وربط الناس بالإخوان وتضمين مفكريهم وأفكارهم المقررات، وهو ما يسمى بـ«العزل القسري» من خلال ما يلي:

1- في درس «الحكم بغير ما أنزل الله» تم تجاهل مصدر تفسير آيات الحاكمية وهو ابن عباس -رضي الله عنه- وجيء باسم التابعي (عطاء بن أبي رباح) وكان ينبغي الإيعاز للصحابي الجليل ابن عباس ليثق الطالب في مصدر التفسير.

2- عدم الإشارة إلى تفسير آية المتشابه في سورة آل عمران إلى أنها في (الخوارج) بتفسير الصحابي، ومعلوم أن تفسير الصحابي مقدم على أي تفسير.

3- لا توجد دروس خاصة بأئمة الهدى لا قديماً ولا حديثاً، سواء الأنبياء أو العلماء ولا حتى الصحابة ولا الإمامين البخاري ومسلم، أو أصحاب المذاهب الأربعة!

4- تم التركيز على عدد من الأدباء دون غيرهم، فانحصر الاستشهاد في الغالب على: (بشار بن برد، وابن المقفع، والجاحظ، وابن الرومي، وإيليا أبو ماضي)، وكلهم قد جرحهم العلماء، وقد تم الاستشهاد بفكرهم وأشعارهم في 90 موضعاً، أما البحتري الشاعر العربي فأكثر الاستشهاد به جاء في مدح الفرس وإيوان كسرى وملوك آل ساسان، وفي المقابل تجاهلت المقررات الكثير من عمالقة الأدب في العالم العربي عرفوا بسلامة المنهج والمعتقد وروعة النظم.

5- تم الاستشهاد بأقوال شخصيات كان ينبغي فحص توجهاتها الفكرية والعقدية مسبقاً، ويمكن تصنيفهم كما يلي:

1) من ثبت انتماؤهم لحزب الإخوان الإرهابي المحظور مثل: يوسف القرضاوي في درس «الوقت في حياة المسلم» وفي مقطع عن «الحوار بالتي هي أحسن» أو بالقيادي الإخواني الصاوي.

2) تكليف الطالب بالبحث المكتبي لشخصيات من الإخوان المسلمين أو من لهم عداء مع السعودية أو الدعوة السلفية؛ ففي مادة المكتبة للصف الثاني الثانوي طلب من الطالب البحث عن هذه الشخصيات: جمال الدين الأفغاني (ملهم الإخوان) ومحمد علي باشا (عدو دولة التوحيد السعودية) ومحمد إقبال (الذي يقر بوحدة الوجود ويسيء الأدب مع الله).

3) الثناء على ناظم حكمت الشاعر (التركي) أحد أعضاء جمعية «الاتحاد والترقي»، وممن شاركوا في حركة أتاتورك.

4) تضمين المقررات لشخصيات دار حولها كلام؛ منهم من يتهم بالاشتراكية أو الوجودية أو كان ملحداً أو معتزلياً أو علمانياً.

ثامناً: إقحام الطالب بأمور تتعلق بالسياسة، في بعض الدروس كلام عن السياسة، وحتى الخطب سياسية وأغلبها مشحونة بالغضب والحماسة، ما يشعرك بأنها موضوعة لإقحام الطالب في السياسة، رغم أن العلماء حذروا العامة وأوصوهم بترك السياسة لأهلها وحثوهم على عدم إشغال الناس بها! وتم رصد مواضع عدة لا يتسع المكان لذكرها، كما أن مادة «إدارة الوقت» أفردت وبتوسع موضوعاً عن التنظيمات غير الرسمية وتكوين الجماعة المؤثرة والقائد الملهم.

تاسعاً: غياب معاني الوطنية في المقررات، مع التركيز على الأمة والأممية قبل طبعة 1439هـ غابت الوطنية عن أغلب المقررات حتى من التربية الوطنية نفسها، ما يشعر القارئ بأنه يقرأ مقررات لدولة أخرى! ولم توضع في المقرر أية قصائد وطنية، وتم تجاهل الوطن ورموزه التاريخية ورجاله الشجعان، وغيبت منجزاته في كل المقررات بما فيها التربية الوطنية.

ثم طرأ تحسن في المقررات لعام 1439هـ فظهرت الوطنية في 35 موضعاً، وإن كانت جمل مستهلكة، كما رصدت عبارات للتحذير من الجماعات المنحرفة في 9 مواضع، ولكن بعبارات مستهلكة.

ومع ذلك ظلت سيرة الملك عبدالعزيز مؤسس هذا الكيان بعيدة في المقررات على مدى 4 سنوات إلا 4 مواضع، رغم أن أجيالنا بحاجة إلى معرفة هذا البطل، ولو أن قائداً مثل الملك عبدالعزيز في دولة أخرى لجعلوا منه أسطورة تخلد في المقررات جميعها، لكنه ظُلم في مناهج البلد التي أسسها!.

كما لم يذكر في المقررات دور الدولة في حفظ الأمن، ولم يتم استعراض القوة العسكرية وقوة الجيش، كما لم تتطرق لدور الدولة في العناية بأسر الشهداء ولم يتم التطرق إلى جهاد الدولة في سبيل الله والرباط على الحدود، رغم أننا نحارب في جبهتين، وكان ينبغي ضرب جهاد السعودية وحروبها مثالاً.

• بالنسبة لصورة الكائن الغريب الذي وجد بجانب صورة الملك فيصل -رحمه الله- في مقرر الدراسات الاجتماعية والوطنية في طبعة 1439، فإن الصورة كانت موجودة في المقرر نفسه في عام 1436هـ، وفي مقرر الاجتماعيات عام 1435هـ، بمعنى أنها ليست جديدة، ما يؤكد أنه تم إقحام الكائن عام 1439هـ عنوة.

عاشراً: بروز فكر شخصيات من الخوارج والإخوان في المقررات وظهورهم علناً:

1) تمت الاستعانة بـ23 شخصية إخوانية في المقررات الدراسية السعودية. وهذا العدد لا يشمل المتعاطفين معهم (وتم التأكد من ذلك من موسوعة الإخوان المسلمين).

2) الاستناد على مراجع من كتب مفسرين عليهم ملحوظات منهم الإخواني مناع القطان، وكان ينبغي الاكتفاء بالتفاسير المعتبرة عند أهل السنة.

3) الاستشهاد بخطبة كاملة لقطري بن الفجاءة رأس الخوارج يذم فيها الدنيا ويبغض العيش فيها.

4) تكرار الاستشهاد بأبيات للطرماح بن حكيم، وبيت شهير لقطري بن الفجاءة في مقررين.

الحادي عشر: تحريف المعاني والمفاهيم الكبرى (غسل دماغ).

هناك خطأ وتحريف لبعض المعاني والمفاهيم التي ربما يترتب على فهمها خطورة كبيرة، مثل: مفهوم (الخلافة والقوة والشورى والتغيير، والعلمانية) وقد جاءت على النحو التالي:

1- تحريف معنى الشورى، وجعله موازياً للانتخاب العام.

2- عُبر عن منهج وأصول اعتقاد أهل السنة في المقرر بعبارة (الخصائص التفصيلية لأهل السنة) وهذه التسمية تهون من شأن السنة، وتسميتها بـ«المنهج وأصول الاعتقاد» هي المعتمدة.

3- تحريف مفهوم (القوة) والاحتجاج بقول النبي «المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف»، وجعلها في الصدع بالحق وقوة التعبير والرأي؛ بينما يفسرها العلماء بأنها (قوة الإيمان)، ولا عجب أن خرجت جماعة جديدة سمت نفسها بـ«الصدع بالحق» ما دام المقرر يحرضهم على ذلك ويعده من الأفعال التوكيدية للثقة بالنفس.

4- ذكر في المقرر بأن الدعوات العلمانية إنما هي: القومية والطورانية وهذا خداع للطالب، وكان ينبغي تسمية الشيء باسمه، فالعلمانية هي اللا دينية، فلماذا يضلل الطالب بمعلومات مغلوطة؟

5- عدم ظهور المعنى الشامل للفتن، فلقد أتى درس الفتن بمعنى «الابتلاء والشدة».

6- تسمية الدولة العثمانية بالخلافة العثمانية؛ رغم أن شروط الخلافة لا تنطبق عليها.

7- التلاعب في الألفاظ وتسمية الأشياء بمسميات سياسية، وأخطر ما في الأمر أن يكون ذلك في المقرر الدراسي، مثل كلمة: (معارضة) في عبارة: «كان من الطبيعي أن يظهر الشعر السياسي خصوصا في العراق التي تركزت فيها المعارضة السياسية للحكم الأموي» وكلمة (معارضة) من ألفاظ اليسار الغربي، وهي في حد ذاتها تعني التمرد، فلماذا توضع هذه المسميات المميعة؟ ولماذا يضرب صفحاً عن المسميات الشرعية؟

8. تسمية بعض الأمور بغير اسمها مثلاً: يطلق على مقاومة الاحتلال الصهيوني والاحتلال الفرنسي للجزائر كلمة (ثورة).

الثاني عشر: استغلال العواطف والجنوح بها نحو الغلو والتطرف، تحت شعار البذل والتضحية بالنفس من أجل نصرة قضايا الأمة الإسلامية، وذلك من خلال:

1- التركيز على معانٍ تتعلق بالرجولة وشحن الشباب بها، والأخطر هو تحريضهم على التضحية وبذل النفس، فقد برزت في (10 مواضع)، بعضها مقالات طويلة (فمن غير المعقول أن تحتل 3 دروس 22 صفحة من مقرر مكون من 108 صفحات، لأحد الإخوان المسلمين، ومفكر آخر متهم بأنه معتزلي).

2- امتلأت المقررات بكلمات الإحباط واليأس والحزن والبكاء والدموع والتذمر والنحيب حتى في الأعياد، فجاءت مقررات الأدب والنحو متخمة بالقصص الحزينة والأشعار المؤلمة وعبارات تبغض في الحياة، بل وفيها تمني الموت، كما تقوم على إبراز مآسي المسلمين وآلامهم بلغة حانقة حزينة تحمل الشباب المسؤولية، وقد ظهرت هذه التعبيرات السلبية في أكثر من 58 موضعاً.

3- التركيز في المقررات على قضية الفقر، وظهرت مفردة (الفقر) في 16 موضعاً.

4- الفن الشعري الذي غلب على الأدب والبلاغة هو الحماسة والقتال، يليه الرثاء والبكاء والنحيب أو أبيات تشجع على الموت وتزهد في الحياة، بل وحتى العبارات جاءت تشجع على القتال والتمرد، وندر وجود شعر الحكمة، وخلت تقريباً من منظومات أدبية في التعليم والأخلاق والفضائل؛ رغم كثافة وجودها في تراثنا.

5- الاعتماد على لغة الترهيب والتخويف من غير أن يقابله ترغيب أو تشويق.

نتائج أخرى: 1- ندرة وجود الأخلاق الكلية، والقيم الأساسية العظمى التي جاء الإسلام لتثبيتها؛ فلا تكاد تجد في المقررات إلا القيم التي تخدم الثورات كقيمة العدل والحرية، والمؤلم هو أن المقررات حثت على بعض الأخلاق الرذيلة وزينتها (وسأفرد لها مقالاً خاصاً).

2- معظم المخالفات تركزت في مواد اللغة العربية في الدراسات الأدبية والبلاغية ثم التاريخ والدراسات النفسية والاجتماعية، أما مواد الدين فلم ترد فيها أخطاء وإنما نقص خطير ينبغي استيفاؤه. (وسوف أفرد مقالاً خاصاً بهذا النقص الخطير).

3- الإحالة إلى مصادر مشبوهة، أو غير مؤكدة، كـ«العقد الفريد» الذي ملئ كذباً و«الأغاني» و«المستظرف في كل فن مستطرف»، أو مصادر غير معروفة بالتوثيق كالإحالة إلى الصحف، أو إلى مواقع الإنترنت مثل: إسلام ويب، وإسلام أون لاين، أو الإحالة إلى مجلات كمجلة «البيان» أو إصدارات الندوة العالمية للشباب الإسلامي.

5- الإيحاء بالصورة: ظهرت بعض الصور التي قد ترمز لدلالات لا تتوافق والغرض من التعليم؛ وفيها ما يشجع على السلوكيات المنحرفة مثل وضع صورة (شيشة) وقيل للطالب: (مثل الدور مع أحد زملائك)! أما مبحث الأدب العربي الحديث فعبر عنه بصورة رجل يلبس طربوشا (رمز الحقبة التركية)، أما غلاف مادة التاريخ في ط1439هـ وضع وسطه (جامع السلطان أحمد في إسطنبول) كما لا تزال صورة (قبة الصخرة) على أنها صورة لـ(المسجد الأقصى).

الخلاصة:



1- لم تبرز في المقررات تحولات وعدت بها وزارة التعليم في إطار برنامج التحول الوطني، والتي ساهمت بها عام 2016.

2- أجريت بعض التعديلات على طبعة عام 1439هـ فيما يخص المواد الدينية والتاريخ والدراسات الوطنية، بينما بقيت كما هي عليه منذ عام 1436 في مواد اللغة وفنونها والدراسات النفسية والاجتماعية، بل ظهرت تشبه ما قبلها حد التطابق.

3- المواد الدينية قوية ومؤصلة تأصيلاً علمياً متوافقاً مع القرآن والسنة وفهم السلف، وليس فيها ما يشجع على التطرف والتكفير، ولكن في المقابل ليس فيها ما يمنع من التطرف بوضوح وشفافية.

مقترحات وتوصيات:



لا بد من الاعتراف بضعف وزارة التعليم في التصدي للفكر الضال،

وهذا يستوجب الحل لهذه المشكلة، ولعل أهم ما تقترحه الباحثة ما يلي:

1- وضع خطة إستراتيجية للمنهج الدراسي تستلهم أهدافها من رؤية 2030، وإدخال مقررات جديدة مثل (مقرر الأخلاق) و(التربية الإعلامية) و(الأمن الفكري) لأهميتها في التوعية والتحصين.

2- عمل خطة إنعاش عاجلة بإرسال ملحق خاص بـ(منهج أهل السنة والجماعة في السمع والطاعة ولزوم الجماعة وبالتفصيل) للمرحلتين المتوسطة والثانوية، وإلزام المدارس بتدريسه واختبار الطلاب فيه، أو تضمينه في اختبارات: (قياس، والتحصيلي، واختبارات القبول في الجامعات).

3- دعوة وزراء التعليم العرب لحلّ أزمة العقيدة في المقررات، والمناداة بالحل الفكري قبل الأمني عبر تفنيد شبهات الخوارج، والتحذير من الفرق والأحزاب.

4- الحرص على سد الثغور التي ينفذ منها أهل البدع إلى الشباب، بتعبئة الفراغات والبسط في العلم الشرعي وليس القبض فيه أو الاختصار المخل، والعناية بالتفاصيل في أمور عقدية قد تستغلها الفرق والأحزاب لتجنيد الشباب ضد بلدانهم.

5- البعد عن العموميات التي قد يفهم منها عكس مقصدها، وقد تستخدم في أغراض أخرى، خصوصا حينما يتعلق الأمر بقضايا كبرى مثل: الجهاد أو التكفير أو إنكار المنكر.

6- تقديم تفسير الصحابة على تفسير التابعين، والاعتماد على تفسير العلماء الثقات، وانتقاء الآيات التي تختارها الفرق المتطرفة وتحريرها من التأويل المزيف.

7- إنشاء وحدة تنقية لجميع المقررات، وليس الدينية فحسب.

8- الدقة في اختيار القصص والحرص على أن تحمل قيماً نبيلة، والدقة في استخدام المفردات التي يكتب بها المقرر (لقد مرّ مقرر الجغرافيا لثالث ابتدائي في إسرائيل على 30 مدققاً قبل إقراره).

9- حذف قصائد الحماسة والقتال واستبدالها بقصائد مفيدة تتضمن القيم والأخلاق الفاضلة وتعليم العلوم.

10- إشاعة روح التفاؤل والسعادة والابتعاد عن لغة الحزن واليأس والقنوط، وتهيئة الطلاب للحياة وليس الموت.

11- الحرص على مدلول الصور التي تصاحب الدروس والعناية بما يمكن أن توحي إليه.

12- الاستشهاد بقدوات حقيقية ماتت وهي على منهج الحق، واختيار الكتابات الرصينة والمفيدة لهم.

13- توثيق النصوص والأحاديث النبوية، والإحالة إلى مصادر أصيلة وموثوقة.

14- تضمين مفردات التربية الوطنية في جميع المناهج الدراسية بحيث تصبح جزءا من المناهج الدراسية جميعاً.

15- كتابة أسماء واضعي المقررات وتحديد كل شخص مسؤول عن أي معلومة، والمحاسبة في حالة الخطأ الذي لا يغتفر.

16- طلب تقرير مفصل من وزارة التعليم يثبت تحقيقها لما جاء في خطة التحول الوطني لرؤية 2030.

17- التركيز عند بناء المناهج على نظريات التعلم الحديث، خصوصا نظرية «التحصين» لمنع حدوث الإقناع المضاد.

18- تخليص التاريخ من الكذب، وتصفية التراث من الآثار المكذوبة عن السلف أو القادة أو الخلفاء.

19- إنشاء لجنة رقابية على مستوى عالٍ من الاحترافية وحريصة على تطبيق الأمن الفكري، مع الرسوخ في العلم الشرعي واللغة العربية.

وأخيراً... «فإذا كان المهم البناء في المستقبل.. فإن الأهم منه الآن: وقف الهدم».

* باحثة سعودية