-A +A
مي خالد
وردت في كتاب: (هوموديوس، نبذة مختصرة عن تاريخ المستقبل). هذه المقولة: «التقدم التكنولوجي لديه جدول أعمال مختلف عن جدول أعمالنا. التكنولوجيا لا تريد أن تستمع إلى أصواتنا الداخلية، بل تريد السيطرة عليها. هكذا تخطط: سنقوم بإعطاء ريتالين للمحامي المشتت، بروزاك إلى الجندي الذي يشعر بالذنب وسيبرالكس إلى الزوجة المستاءة. وهذه فقط البداية».

هذه المقولة ذكرتني بالطريقة المتعالية التي يتعامل بها البشر مع الحيوانات الأليفة. فهل ستتعامل معنا الأجهزة الذكية يوما ما بهذه الطريقة المتعالية؟ أقصد حين تدرك تفوقها عقليا على البشر وتتصرف مثلما نتصرف مع الحيوانات؟ وهل سيجيء اليوم الذي تبرر فيه الأجهزة قتلنا كما نبرر الآن قتل الحيوانات ونصفها بأن لاعقل لها.


الإنسان الملقب بالحيوان الناطق يتعالى بسبب تفوقه العقلي على الحيوانات بينما الكمبيوتر يهزمه في لعبة الشطرنج. يعيش في البراري والغابات وعلى الجبال وحول الأنهار وفي السهول والوديان وعلى شواطئ البحار كما تعيش الحيوانات، لكنه ما اكتفى بالعالم المادي من حوله بل راح يخلق عالما موازيا وهميا: منظمات حقوق إنسان وأمم متحدة ونقابات ومنظمات أخرى كثيرة وبلديات وبنوك.

وصرف اهتمامه لهذا العالم الوهمي فأفسد الطبيعة الحقيقية.

يتوقع نوح هراري مؤلف كتاب (هوموديوس) أن الذكاء الاصطناعي بعد أن يستحوذ على جميع الوظائف سيدفع البشر إلى دكة الاحتياط. فتتورط الحكومات بكل هذه الأعداد العاطلة من الشعب وتجعلهم يعيشون إما مع المخدرات أو مع ألعاب الكمبيوتر.

والخيار الأخير لعلنا نعيشه الآن. فأغلبنا يعيش داخل مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية أكثر مما نعيش في الواقع وأكثر مما نعمل.

مساكين أناس العالم الثالث فلا أعرف أي مآل ستؤول إليه الحال مع استغناء الدول عن العمالة غير الماهرة التي هي رأس مال الكثير من الدول حولنا وتوظيفهم للروبوت عوضا عن عمالتهم.

أما نحن في السعودية نسعى لأن ننافس في مجال امتلاك البيانات التي تتحكم في مواردها الآن أمريكا والصين. وتتسابقان لتطوير الذكاء الاصطناعي. حتى أني أخشى من هذا التنافس فأي الدولتين ستتفوق بقدراتها التدميرية على الأخرى.

وكأن البشرية لم تكتف بالقنبلة النووية والهندسة الوراثية حتى يهدينا علماء الدولتين مزيدا ومزيدا من الذكاء الاصطناعي؟!.