-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
لا تستعجلوا وتتخيلوا أن هناك نفقاً أنشئ في جدة أسموه نفق الحوت، وخصص لمرور الحيتان والأسماك بحكم أن البشر اكتفوا من الأنفاق، ولا يخطر في مخيلتكم أنه نفق أنجز، ليخر كلما هطل المطر، كعادة أنفاقنا، ويحصل الحوت الذي جاء للنفق بالخطأ «موية يتمردغ» فيها وطبعاً يكون اللي «كروتوا» في النفق، وفي مويته المرشد الناصح جوجل ولا يزعل علينا الاتحادية بحكم أن مدربهم كرواتي.

قد يخطر في بال الحوت يطالب بمياه أنقى وأملح، فنرد يا طويل العمر يا حوت بلا دلع لا تدقق الموية حلوة أو مالحة وتسوي عم عريف، المهم حاجة تنشفط والسلام، واتعظ من الحيتان الثانية اللي بالي بالك، التي أكلت الأخضر واليابس، لكن في النهاية جاءهم «إعصار ما حدن يعيقه» فذهبت ريحهم واللي كان كان، طبعاً نفق في عالم غير الإنسان معناه ما عاد فيه روح يعني باي باي دنيا، علي أي حال وكما هو معروف آفة الأخبار رواتها، راح تزيدوا سيداتي سادتي من الدبة عسل كما يقول أهل الجنوب، أو كما يقول أهل الحجاز يزيد على القرص حنانا، والحنانا هي قرص الخبز الصغير وهو الذي يفيض من العجين، ويضحكوا على الصغار بأنهم خبزوا ذلك خصيصاً لهم، والمقصد ألا تفهموا الموضوع غلط، وتزيدوا عليه من التحابيش والابزارات ما خُف وزنه ورخص ثمنه، كل الحكاية أنه نُشر في «عكاظ» في التاسع من محرم 1440هـ خبر حول العثور على الحوت الأحدب على شواطئ عسير نافقاً، وهو يعتبر من الكائنات البحرية الضخمة، تصدقوا يا إخوان أنا فكرت لأول وهلة أن أحدب نوتردام رجع، بس طلع نوع من الحوت يا خسارة، المهم سيدرس المعنيون أسباب نفوق الحوت الأحدب المسكين وإيش رماه على شواطئ عسير، وهو المفروض أنه لا يعيش إلا في المحيطات، وأنهم راح يفرغون أحشاءه ليحنطوه، طبعاً كثيرون يتمنون أن يفرغوا أحشاءه لأننا نريد نرى بأعيننا ما في بطنه، لأنه أكيد فيها بلاوي متلتلة، المهم يا ناس الحوت بعد ما نفق ما عاد يهمه شيء، لأنه نفق وما حدش سمى عليه، ولو كان فيه شوية نفس لقال لو كنت أعلم آخرتي ما كنت أتيت، يا جماعة ما يحتاج تسووا لجنة لمعرفة إيش جابه واضحة «وبن عجلان كمان» واحدة من اثنين أما ما عنده عقل، أو سمع أن هناك هبرة سمينة، فجاء إلى حتفه، طبعاً يقولون في الصحف أنه ربما قدم من المحيطات مجاوراً لناقلات البترول، ورائحة البترول تدوخ أجدع كائن حي، فدخل الأحدب البحر الأحمر بالخطأ، ومن ثم ضل الطريق لأنه أبله لأن المثل يقول "الرفيق قبل الطريق".


لكن بحكم أنه حوت «قله عقله هذا إذا كان أصلاً عنده مخ خليني ألهف لوحدي المعلوم»، كان أحسن له لو قنع بالسمك الصغار المساكين ياكل فيهم ويمزمز وهو حاطط سن على سن ويزلط وهو مطمئن، تلقاه ما سمع الأخبار أن الموس مشي على كل الرؤوس، ولم يسلم منه لا البلهاء الذين زي الدجاج رزقهم في رجولهم، ولا حضرات الشطار الذين قروشهم في جيوبهم، هكذا هو مصير اللي عامل حوت إما ينصاد أو يموت قهر، عشان هيك خليك من الشط للبيت، وخذلك حتة سنارة وغني عليها «ناجل ولو جبر خاطر ولا شعور من بعيد»، وباي باي للحوت واللي يتشدد له.