-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
الترفيه والترويح ليس شيئا ثانويا، بل ضرورة خاصة في هذا العصر الضاغط على أعصاب البشر ولا تترك لهم فرصة لالتقاط الأنفاس على عكس زمان عندما كانت نزهة في حديقة عامة أو زيارة عائلية أو تسوق ينهي شبح الرتابة والملل. والترفيه اليوم يتغير مفهومه وأساليبه بالنسبة للأجيال الجديدة، لذلك نتفاءل بمستقبل هذا القطاع مع خطط ومشاريع مختلفة في المناطق تسهم في جودة الحياة بمتنفسات أوسع للمجتمع، تتجاوز حدود الزحليقة للصغار ومقاعد وطاولات للكبار، بما يلبي حاجة الإنسان إلى الترويح.

خلال سنوات قليلة سيتغير واقع هذا القطاع في بلادنا باستثمارات مليارية وأفكار عالمية تصل حد الخيال، ستحقق لبلادنا مداخيل قوية، وستعيد أيضا مبالغ وأرقاما هائلة عندما تغير وجهة الكثير من سائحينا إلى الداخل وتصبح نقطة جذب ترفيهي من الخارج، باستثمار الأرض والبحر وحتى الصحراء ستنبض بجودة الحياة ومثل هذا التحول باقتصادياته الضخمة سيكون له بصماته الحياتية الجيدة لشباب وعوائل، وحتما ستكون ضمن السياق العام للضوابط المحددة سواء من خلال الأنظمة والتعليمات أو المجتمع الذي يحرص على نسقه القيمي العام في شوارعنا وأسواقنا ومهرجانات السياحة، ومن يتجاوز في تصرف فردي حتى لو كان تصويرا في غير موضعه سينال جزاءه ولو تخفى في دهاليز العالم الإلكتروني.


كثيرون يتطلعون لمستقبل الترفيه، والبعض يثير آراء متورمة تذهب إلى حد التهويل بحساسية ذات فولت عالٍ دون منطق أو تفكير، بأن تطوير الترفيه يعني في نظرهم بابا لفساد اجتماعي، ومن يتابع بعض الأصوات وما تعج وسائل التواصل، يلحظ حقيقة أن البعض لم يتهيأ بعد لأي تغيير إيجابي ولو كان ترويحيا، ولنتذكر كيف كانت المعارضة والرفض والمخاوف عند بدء البث التلفزيوني، ثم البث الفضائي وهاهي ثورة التقنية مع الإنترنت وأجهزة الاتصال والتواصل الذكية اليوم في أيدي الجميع واقعا والمطلوب هو التحصين.

الترفيه عادة يمثل تجمعات عامة تتشارك في أنشطته بتنظيم وضوابط لا تسمح حتى بما قد يحدث في الشارع، ونتذكر أيضا لافتات ممنوع دخول الشباب فكانت بعض التجاوزات في الشارع، واليوم استقام الأمر كثيرا، والحياة طبيعية في أنشطة الترفيه والانضباط أفضل حتى مع اتساع عمل المرأة وقيادتها الوقورة والمحترمة للسيارة وقد سبقتها خيالات وشطحات لا أساس لها، وتبقى الأخطاء أو تجاوزات فردية واردة كأي مجتمع لكن في حدودها ولها عقوباتها، لذلك لا مجال للتهويل ولا التهوين فالتغير طبيعي والتطور مطلوب ولا أحد يوقفه طالما في السياق المقبول.

بقيت نقطة مهمة وهي أن الترفيه يجب أن يلبي احتياجات جميع الشرائح، ولا يميل كل الميل لصالح القادرين، وهذا ما نأمله، فإذا كانت تذكرة السينما مع بدايتها تبدأ بـ50 ريالا فصاعدا، هناك من يدفع المئات له مع عائلته، وهناك من لا استطاعة له بالتذكرة الأقل، وعلى ذلك نقيس برامج الترفيه عندما لاتراعي الشرائح الدنيا فتسقط من حسابات المستثمرين، أيضا أن شمولية أهداف الترفيه بتنوع مشاريعه العامة من هيئة الترفيه ووزارة الثقافة والأمانات، ليستفيد منها المواطن، على سبيل المثال أندية ثقافية وترويحية للشباب داخل الأحياء، وزيادة الحدائق العامة ومشاريع الممشى الرياضي ومسابقات وبرامج هادفة للأطفال في المناسبات، وغير ذلك، مما يحقق الترويح للمجتمع ككل، وإلا ستظل الفجوة وتتعثر أهداف كثيرة.

* كاتب سعودي