-A +A
حمود أبو طالب
خلال 15 شهراً تقريبا ما بين صدور الأمر الملكي بتشكيل اللجنة العليا لقضايا الفساد العام برئاسة سمو ولي العهد وتقديمه التقرير النهائي لخادم الحرمين الشريفين بانتهاء أعمال اللجنة بعد تحقيقها الغاية المنشودة من تشكيلها، تكون قد تغيرت تماما ونهائيا الصورة الذهنية السلبية السابقة عن مفردة «لجنة» التي كان المجتمع يتندر عند سماعها في إشارة إلى عدم انتظار شيء مفيد منها، فقد أثبت بيان الديوان الملكي الأخير بخصوص نتائج لجنة مكافحة الفساد أنه قد تشكلت في وطننا أجمل لجنة وأحرص لجنة على الوفاء بالمهمة المكلفة بها، وربما يكون السؤال المطروح الآن هو كيف سيكون الحال مستقبلا إذا لم يكن قد تم الانتباه لهذا الشأن الخطير ولم يواجه بهذه الصرامة والحزم، وكيف سيكون حال الوطن وهو يُنهب بذلك الشكل السافر وبتلك الضراوة والنهم واللامبالاة.

عندما تستعاد للخزينة العامة أكثر من 400 مليار ريال فإننا نتحدث عن ميزانية الدولة في وقت من الأوقات، ميزانية وطن بكل وزاراته وهيئاته وأجهزته ومؤسساته، مبلغ يساوي مبيعات مليار وثمانمائة مليون برميل من البترول، ويساوي عشرة أضعاف العجز في الميزانية، استباحها عدد يقل عن381 متهما، عندما نستبعد من تم تبرئتهم. كان فساداً عظيماً وممنهجاً ومستمرا وغير مسبوق في ضخامته وجرأته، وتخيلوا لو لم يُفتح هذا الملف وبمثل هذه الجدية ما الذي كان سيبقى للوطن من ذمم الفاسدين الذين كان كثير منهم مؤتمنا من الدولة على مقدراته.


لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن يوماً كهذا سوف يأتي، وحتى عندما أتى هذا اليوم وتم فتح الملف بذلك الشكل الجريء المباغت الذي لفت أنظار العالم لم يتوقع البعض أن يتم البت فيه بهذا الشكل السريع والشفاف دون استثناءات لكائن من كان. لكننا بعد هذه اللجنة وتقرير أعمالها وما استعادته من أموال لخزينة الدولة نكون قد دخلنا مرحلة وطنية جديدة نشعر خلالها بالاطمئنان على مقدرات الوطن والمال العام ومستقبل أجيالنا. شكراً يا ملك الحزم والعزم، وشكراً يا ولي العهد المؤتمن على حاضر ومستقبل الوطن.