-A +A
طارق فدعق
تشرفت هذا الأسبوع بزيارة قاعدة الملك فهد الجوية في الطائف الجميلة. وكان هدفي هو الاطلاع على طائرة الإف 15 «سي» الرائعة التي كتبت عنها مسبقاً. ذهبت لرؤية المقاتلة المتميزة، فوجدت ما هو أفضل منها بكثير، وهو الكوادر البشرية السعودية المشرفة خلقاً وعلماً. وتحديداً فقد وجدت الحفاوة والتكريم من قائد القاعدة سعادة اللواء الطيار الركن/‏ حامد بن رافع العمري ورجاله المخلصين. ورأيت وشعرت بعشرات القلوب، والعقول، والأيادي الوطنية التي تشغل القاعدة الجوية بدقة، وفعالية، وحرص، وهدوء مهني رائع... ودون أي دراما أو إعلان عن جهودها الجبارة. وللعلم فطائراتنا العسكرية هي من الأحدث على مستوى العالم، وأساطيلنا الجوية لبعض الطرازات المتقدمة مثل الإف 15 هي الأكبر والأحدث في العالم خارج الدولة المصنعة. وللعلم أيضا فإن لقواتنا الجوية مشاركات دولية مشرفة في مناورات عسكرية متقدمة جداً يشارك فيها مئات من الطائرات من دول مختلفة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر لقاء مناورات «العلم الأحمر» في الولايات المتحدة الذي يقام ربع سنوي في ولاية نيفادا وتستعرض فيه الدول المختلفة قدرات قواتها الجوية بمشاركة العديد من الطائرات العسكرية.

والآن إليكم بعض المعلومات عن مقاتلة الإف 15 «سي» المذهلة: أول ما تتفاجأ به هو حجمها الضخم، فهي أقرب حجما لطائرة ركاب صغيرة. وأن تسمحوا لي فسأشبهها بسيارة «الفيراري» في تسارعها ومناوراتها. ولكن طولها يعادل تقريباً ضعف طول باص النقل الجماعي. والسر في حجمها يبدأ من الرادار العملاق في أنفها، فهو من أقوى أجهزة الاستطلاع، والاستشعار، والتصويب في عالم المقاتلات. وتم بناء الطائرة حول ذلك الرادار. ويستطيع بمشيئة الله أن يرصد مجموعات من الطائرات المعادية، وعلى مسافات بعيدة جدا. ويسمح بتوجيه الصواريخ نحو طائرات العدو دون أن يراها قائد الطائرة بعينيه. وأما في حالات الاشتباك، فهذه الطائرة مثل القبضاي المتعافي الموجع.


وكان كرم قيادة قواتنا الجوية أن سمحوا لي بتجربة قيادتها في الجهاز التشبيهي Simulator بإشراف سعادة العقيد المتقاعد/‏ علي السفياني. كانت عجيبة في تسارعها وثباتها فالمتوقع أن تكون المقاتلات غير ثابتة لضرورة المناورة السريعة. ولكنها كانت كأنها تقرأ أفكارك فتتحرك من الثبات إلى المناورة في لمح البصر. وكانت الأزارير أمامي كثيرة، ولكنها مدروسة بعناية فلم أرفع يديَّ من مقبض الدفع، ولا عصا القيادة أثناء المناورات الحرجة. قمة الذكاء ممن صمم المقصورة. ويسمى هذا التصميم «هوتاس» Hands On Throttle and Stick...بعد الإقلاع مباشرة صعدنا إلى ارتفاع عشرة آلاف قدم، وتعدينا سرعة الصوت في ثوانٍ معدودات. وللموضوع بقية بمشيئة الله فقد سمحوا لي بقيادة طائرات أخرى في الجهاز التشبيهي.

أمنيـــة:

فضلا تخيل حجم الغطاء الجوي لوطننا الغالي: حوالى مليوني كيلومتر، وارتفاع مائة كيلومتر إلى حد الفضاء الخارجي...وما بعد. وتخيل مقدار العمل التي يبذل على مدار الساعة لحماية هذا المجال الهائل. والجهود التي يبذلها رجال قواتنا الجوية نحو ذلك بمهنية وهدوء. أتمنى أن نتذكر الدور الرائع الذي قامت وتقوم به قواتنا الجوية المتميزة لردع المجانين والحاقدين.

وفي ختام زيارتي للقاعدة، أردت أن أقبل رؤوس جميع العاملين فيها، وذلك من المستحيلات، فوضعت قبلة لهم جميعاً على مقدمة طائرة الإف 15 «سي» وأنا جالس بداخل مقصورتها، بالقرب من كلمتي «الله يحفظك»، وتوجهت بالدعاء لله عز وجل ليحفظ جميع رجال قواتنا الجوية، وهو من وراء القصد.

* كاتب سعودي