-A +A
محمد مفتي
ميزت ثورة الاتصالات المتسارعة عصرنا الحالي بالكثير من المنتجات التكنولوجية التي شاعت وتنوعت وتم تداولها على نطاق واسع بين غالبية فئات وقطاعات أي مجتمع، وعلى الرغم من الآثار السلبية للثورة التكنولوجية إلا أن جوانبها الإيجابية فاقت ما هو متوقع وتجاوزت بكثير أبعادها السلبية، ولعل أهم مخرجاتها هو قدرتها على تأسيس أجيال من الشباب المتميز الواعي، ممن يمتلك الكثير من ملكات التفكير الإبداعي والعديد من القدرات الخاصة بالتواصل البيني الخلاق.

تتعدد الأغراض التي يتم فيها استخدام تلك المنتجات وتتنوع ما بين مجالات التصنيع والسياحة وتوفير الخدمات وغيرها، ولعل أهم وأفضل المجالات التي يمكن من خلالها استخدام تلك المنتجات هو قطاع التعليم؛ حيث إنها تسهم في تعليم الطلاب بطريقة مبسطة وجذابة بعيدة عن الكلل والملل، كما أنها تساهم في تأسيس نوع من التواصل البناء بين الطلاب وبين المواد التعليمية التي يقومون بدراستها، إضافة إلى أنها أصبحت منهجاً مستداماً للمعرفة والتعلم خلال جميع مراحل الحياة.


في ظل توجه المملكة لتوطين التكنولوجيا في كافة القطاعات الخدمية بالمملكة، وفي ظل التوجه لتطوير العملية التعليمية خلال جميع مراحلها، فإننا مازلنا بحاجة إلى تطوير التعليم التفاعلي وعلى الأخص في التعليم العام -المدارس-، فعلى حد علمي المتواضع لا تزال الشاشة الذكية -Tablet- ممنوعة من الاستخدام داخل المراحل التعليمية في الكثير من المدارس، وذلك على الرغم من وجود العديد من المزايا فيما لو تم اعتمادها كإحدى الوسائل التعليمية، أقلها هو توفير الكثير من التكاليف الضخمة التي تتكبدها الوزارة نتيجة التزامها بالمناهج والكتب التقليدية في التعلم والمعتمدة على الوسائل الورقية، ناهيك عن بطء عملية التعليم وتأخر توصيل المعلومة للطالب ونقلها إليه بصورة غير مكتملة وغير جذابة، أضف إلى ذلك صعوبة تحديث المناهج وتنقيحها بشكل مستمر لارتفاع تكاليف طباعتها أو تأخر تسليمها للطلاب، أما اللوحات الذكية فستمنح الطلاب فرصة الحصول على تلك المناهج منقحة ومطورة فور الانتهاء من تحميلها من الشبكة العنكبوتية، دونما انتظار للإجراءات الروتينية العقيمة وما يتبعها من هدر للوقت والمال والجهد فيما لا طائل منه، كما أنها ستتيح للوزارة الفرصة للقيام بتحديث المناهج أولاً بأول.

من المؤكد أنه قد آن الأوان للتفكير جدياً في تطوير التعليم التفاعلي خلال المراحل الدراسية المختلفة، وعلى الأخص المواد التي يصعب على الطالب تلقيها واستيعابها كعلم الرياضيات والفيزياء والكيمياء وغيرها من المواد العلمية والتي تبدو منفرة للطالب عند تدريسها بالطرق التقليدية، وفي اعتقادي أن هذا التوجه لن يكون صعب التنفيذ، حيث تتوفر للوزارة الكثير من الكوادر الجامعية المؤهلة والتي يمكنها الإسهام إيجابياً وبشكل ملموس في تطوير التعليم، من خلال تطوير البرامج التعليمية التفاعلية بشكل مستمر ولاسيما في مجال تقنية المعلومات.

نحن نتمنى استثمار الكوادر الجامعية للعمل على تطوير التعليم التفاعلي للمراحل الدراسية المختلفة في التعليم العام، نريد أن نتخلص تماماً من مرحلة التلقين وننتقل إلى مرحلة التفكير والإبداع، كما أن ميكنة العملية التعليمية ستسهم في تطوير طرق تقويم طلاب التعليم العام من قبل المدرسين ومتابعتها من قبل أولياء الأمور إلكترونياً، بدلاً من اعتماد الوسائل التقليدية في ذلك، وذلك للحصول على نتائج أكثر دقة من جهة، وفي وقت أقل ودونما هدر الكثير من الوقت والجهد والمال من جهة أخرى.

* كاتب سعودي