-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
سألني مقدم برنامج وينك، محمد الخميسي لماذا لم يكرمني نادي الاتحاد؟ فأجبت: «هي ما راحت ولا جت إلا على الاتحاد؟»، أنا لا أمهد الطريق ولا أشعل الشموع أو أضبط الإيقاع أو أقرع الجرس، حتى ينتبه إلي القوم فيبادروا بإقامة حفل «سد الحنك» لتكريم «المدعو» فلان الذي كان مسؤولاً، والآن ليس مسؤولاً ولا سائلاً، والأخيرة هذه لا نقصد بها شحاذا، بل من يسأل ويريد ومن مثله إجابة.

جرت العادة أنه إذا مات الشخص وكان من الذين يشار لهم بالبنان أو بالبنانين كتب النعي والتأبين وأهرقت الدمعات الحارة، وجد الطلب بتكريم ذلك المتوفى العظيم، هذا إذا كان لديه واسطة فعالة بعد ما «افرنقع» مع أنه الآن آخر من يعلم شاء أم أبى، ولا يعرف ما هي الطبخة ولو كان التكريم بجوار سكنه الأخير، وطبعاً أدوات التكريم لا تخرج عن حفل يقدم فيه درع، وتذكر فيه مناقبه التي استنقبها بذراعه، في خضم الحياة المرة، أو صفحة في جريدة أو اسم على شارع، وهذا أفخم أنواع التكريم، وكلما كان الشارع عريضاً وطويلاً كان دلالة على أن الشخصية عظيمة، وتستحق ذلك بالطول والعرض مع أنه الآن تحت الأرض.


وأبدى بعض الإخوة «المشاغبين» أنه لا يمكن تكريم الشخص وهو حي لأنه قد يفعل مصيبة، وإذا حدث كيف نرقعها، يا جماعة أنتم تقدرون القضاء قبل وقوعه، فقياساً على هذا الرأي المفترض ألا تعطى جوائز نوبل وغيرها من الجوائز إلا بعد ما يشبع الإنسان المبدع موتاً.

واقترح بعض الأذكياء حلاً وسطاً بأن يكتب على القبر «أخونا الميت من زمان، وجرى تكريمه بعدين» وترسل صورة مع التحية لأهله للعلم.

أيها النبلاء اخرجوا من جلباب الروتين والعوائق والمطبات الصناعية، افتحوا العقول، سلكوا الآذان لتسمعوا الحقيقة البسيطة، إن الإنسان المبدع لن يفيده لو أسميتم شوارع الديرة كلها باسمه بعد موته، لأنه بكل بساطة «مش» حي وبالتالي لا يعرف لا الذي راح ولا الذي جاء، حتى أهله الذين تعتقدون أنهم سيطيرون فرحاً ولا يهبطون، صدقوني سيقولون: «وينهم عنه وهو حي»!.

قابلت في إحدى المناسبات من سنوات أخاً كريماً من المعنيين فقال لي لقد تم اختياركم من الشخصيات التي سيسمى شارع باسمهم، فقلت ترى أنا حي أرزق وأظنه استغرب، وقال في نفسه من ضحك على شخصنا، وقال إني تحت التراب وجسمي ذاب. طبعاً انتظرنا التسمية لأجل أن نعمل سابعاً وهو حفل إتمام سبعة أيام بعد الولادة، ولكن يبدو كانت الولادة عسيرة، وربما اكتشف أني لا زلت حياً وأشر على الطلب، بلغونا إذا مات معاليه وتأكدتم بأنفسكم من دفنه. معهم حق ربما واحد من إياهم معفرت ما عنده ضمير، وسوى ميت وتم تكريمه واتضح أنه حي «مشكلة» وكلام الناس ما يرحم، عموماً الشوارع معنونة بأسماء لو بحثنا في جوجل أو في غيره، أتحدى أن يعرف أحد على البسيطة من هم هؤلاء وكأنها أسماء وضعت من قبل إنسان مل وكل، ففتح كتاب الهاتف وحط إصبعه على أي اسم بعد ما قال «حادي بادي سيدي محمد البغدادي شاله حطه كله في هادي» والطارف غريم، هناك مثل يقول «الحي أبقى من الميت»، ولا عزاء للمبدعين المكرمين بعد موتهم واستناني إذا أحد منهم عرف.