-A +A
نوف السمرقندي
هل القراءة صفة؟ بمعنى أنك تحمل صفة قارئ فتصبح قارئاً أم هي هواية وغريزة واحتياج؟، من وجهة نظر خاصة وقائمة أرى أنها حاجة غريزية تكفل لك صفة البقاء كإنسان يفكر تشبه تماماً حاجتك إلى الماء والطعام والتكاثر، فلماذا نعمل مجتمعين على تنحي هذه الغرائز التي راعت الأديان السماوية وجودها في أسمى صورها مع الكتب السماوية التي أنزلت لإشباع فضول الإنسان المعرفي. فلماذا تتنحى صفة القارئ عن إنسان بدلاً من أن نساعده على الاكتساب والإشباع، لماذا نلغي كل هذه الصفات وهذا الاحتياج الغريزي للمعرفة ليصبح ضمن الأساسيات التي أصبحت أيضاً معضلات. وننادي بعد ذلك بغياب الدور الثقافي ودور المثقف، فكيف سيكون هناك مثقف من مجتمع غير قارئ؟ ولن يكون هناك وسط ثقافي من الأساس، وهذا يتنافى مع تقدم أي بلد حضارياً. أثارت تساؤلاتي تلك تغريدة تزامنت مع بدء معرض جدة الدولي للكتاب الذي اختتم أخيراً، حيث ذكرت إحدى المغردات أنها تشعر برغبة في الذهاب إلى المعرض واقتناء الكتب ولكن معرض الكتاب يحتاج إلى قرض مالي بسبب ارتفاع أسعار الكتب وهي محقة، فمن خلال جولة قصيرة على الدور في المعرض لاحظت أن اقتناء من خمسة إلى ستة كتب لا يقل عن ألف ريال وهذا المبلغ يخل بميزانية ذوي الدخل المحدود.

أولاً لأنها تعد نوعاً من المغالاة في أسعار الكتب، وثانياً لأن هذه الأسعار تعتبر معول هدم لثقافة القراءة والاطلاع التي تنادي بها المؤسسات الاجتماعية لغرسها في الأفراد كنوع من الأساسيات وليس الكماليات، فإذا كانت دور النشر تبحث عن قارئ وتتعامل مع المسألة تجارياً فلتحسم المسألة بنسب التوزيع، فكلما كان السعر أقل استطاعت أن تجد عدداً من القراء أكبر وبالتالي نسبة توزيع أكثر وأرباحاً أكثر بدلاً من أن تعتمد على طبقة معينة لشراء كتبها باهظة الثمن وبعدد طبعات محدودة من الكتب تستهدف فئات معينة. وإذا كان المنظمون لهذه المعارض يرون أنها نوع من الرفاهية والغاية من خلفها هي الكسب فلتأخذهم الرحمة بالطبقات الكادحة التي تقف عاجزة تماماً أمام كل وسائل الرفاهية والترفيه، فالحفلات والفعاليات المقامة أسعار تذاكرها تعادل مرتب فرد من هذه الفئة. فإذا كانت الرفاهية كماليات فالكتاب ضرورة لابد وأن يعامل معاملة الخبز ويوفر لأبناء ذوي الدخل المحدود قبل غيرهم، فالكتاب بالنسبة للبعض هو العالم، وهو رحلة، وحفلة، وسفرة، ومتعة، ورفاهية.


لذا نقول: وفروا الكتاب للجميع، لن يخسر أحد ولنا في دور النشر الأوروبية خير مثال،بل إن عائداتها لها ولكتابها أكبر بكثير من عائدات مثيلاتها في الدول العربية بسب أن الكتاب للجميع. وفي النهاية الجميع يبحث عن قارئ سواء الدور أو الكُتّاب أو المجتمعات وكذلك الدول التي تريد أن تنهض بالإنسان.