-A +A
مي خالد
يعتبر كثير من الأشخاص أن النظام الديمقراطي هو الحل الأمثل للشعوب، وهذه دعاية غربية زائفة، يستغلونها للتدخل في شؤون الدول الأخرى لنشر الحرية والديمقراطية عبر الدبابة وطائرات الدرونز.

وبناء على هذا التصور خسرت كثير من الثورات والمواقف السياسية معناها وتحولت إلى خسائر وهزائم وفساد. لأنها ظنت أن الديمقراطية هي الحل والبديل المثالي للحكم الشمولي.


وأنا هنا لا أدافع عن الحكم الشمولي، وأعتقد أن للديمقراطية إيجابيات كبيرة مثل المساواة وضمان تدوير السلطة وعدم احتكارها، لكن لها في المقابل عيوب ومثالب كبيرة قد تكون أوضح في مجتمعاتنا منها في المجتمعات الغربية بسبب طبيعة دولنا الجديدة والنامية.

أهم عيوب الديمقراطية أنها تجلب للسلطة فئتين فقط: المشاهير والأغنياء. فالمشاهير نجوم يحبهم الناس وسوف يصوتون لهم حتى لو لم يكونوا صالحين، والأثرياء لديهم أموال يديرون بها حملاتهم الانتخابية ويشترون بها أصوات الشعب. وأموال أخرى ليست نظيفة يسقطون بها خصومهم السياسيين ويصنعون لهم المكائد والفضائح. ففي حالات نادرة وقليلة خلال التاريخ صوّت الناس لأشخاص خارج هاتين الفئتين.

تعتبر هذه الخاصية عيبا كبيرا في مجتمعاتنا يحول دون جودة تطبيق الانتخابات، ولعلي أذكر مثالا طريفا قرأته مرة، يقول صاحبه إنه لو كانت هناك صناديق اقتراع بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لصوت العرب لصالح مسيلمة الكذاب ولأصبح هو أول الخلفاء الراشدين!

وهذا المثال التاريخي دقيق جدا، فكلنا يعرف اختلاف الصحابة حول خلافة أبي بكر الصديق يوم السقيفة، بينما كان الناس في اليمامة يتبعون مسيلمة الكذاب. فقد بلغ عدد أتباعه من المرتدين حينها 40.000 رجل من أشد الرجال عصبية، حتى قيل إن بعضهم كان يشهد أن مسيلمة كذاب وأن محمدا رسول الله لكنه كان يقول: (كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر).

كما أن الأنظمة الملكية على علاتها وعيوبها في التاريخ العربي المعاصر كانت أفضل للشعوب من الأنظمة الجمهورية والعسكرية البوليسية والمثال الصارخ الواضح ما نعرفه من تاريخ مصر الملكية المزدهرة وما آلت إليه بعد سقوط الملكية.