-A +A
خالد السليمان
في حادثة شجار الحمدانية جملة ملاحظات تجعل الكتابة عنها مختلفة عن كل ما كتبته سابقا عن حوادث قضايا الدم التي تبدأ شرارتها بملاسنات وخلافات تافهة وتنتهي بمشكلات عميقة في السجن أو عند السياف!

ففي هذه الحادثة، الملاحظ أن الخلاف وقع بين أشخاص بالغين عاقلين وليسوا مراهقين طائشين، كما أن بعضهم يشغلون وظائف تتطلب امتلاك أصحابها حس المسؤولية وضبط النفس، وتم لسبب تافه يتعلق بموقف سيارة، وتفجر الشجار الدامي الذي انتهى بسفك الدماء والقتل بحضور رجال الأمن وتواجد العديد من دوريات الشرطة الذين لم يجدِ إطلاقهم النار في الهواء لتفريق المتشاجرين ووضع حد للفوضى!


انتهت الحادثة بسفك الدماء، ومع تراجع المتشاجرين من المشهد خلف القضبان سيتقدم الآن وجهاء أسرهم وقبائلهم للبحث عن حلول ومخارج ستنتهي غالبا بإرسال الشيوخ ليقفوا على الأبواب لطلب العفو والمصالحة، ودفع مبالغ ديات كبيرة سيغرمها في الغالب أبناء العمومة!

شيوخ حفظوا كراماتهم طيلة حياتهم سيدفعون دفعا لإراقة ماء الوجه لطلب الشفاعة والصلح، وأبناء عمومة سيجبرون دفعا لحرج العادات والأعراف على دفع أموال أولى بها أنفسهم وأسرهم وأطفالهم في ديات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وليتها شفاعات أو مساهمات مالية في قضاء حوائح المحتاجين من أبناء الأسرة أو القبيلة، بل لدفع ثمن جرائم اعتداءات وسفك دماء دافعها التهور والحماقة!

وبرأيي أن الحماقة والتهور سيبقيان عند البعض في تعاملهم مع الآخرين ما دامت عادات السعي في الشفاعات وجمع الديات مستمرة، وجزء من ثقافة متأصلة لدى أناس يعيشون في عالم منعزل ينتمي للجاهلية يرون فيه أسرهم وقبائلهم أعلى من هامات الآخرين أو فوق القانون، بينما الأولى بهذه الشفاعات والأموال المحتاجون والفقراء والأرامل من أبناء الأسرة والقبيلة!

لذلك يجب أن تضع الدولة حدا لمسألة جمع ودفع الديات في جرائم القتل والاعتداءات، فلا تترك المسألة مفتوحة للمتاجرين بالدماء ولا شبكة أمان لمرتكبي الجرائم!