-A +A
أحمد عجب
أشعر كأب بمرارة الفقد الذي يعتصر قلب والد ووالدة الفتاة العالقة بمطار بانكوك، والتي تلقفتها أيدي المتربصين ببلادنا بمجرد سماعهم خبر هروبها، ليس حباً فيها ولكن نكاية بوطننا، لهذا حوروا قصة الخلاف العائلي إلى قضية سياسية تتعلق بقمع الحرية الشخصية لفتاة بالكاد أكملت 18 عاماً، حيث زعموا أنها تريد اللجوء لبلد آخر يوفر لها الأمان ورغد العيش والحرية وحق التعليم والعمل، يقولون ذلك بكل غباء، في زمن مكنت فيه مملكتنا الحبيبة المرأة السعودية من كافة حقوقها الأساسية والكمالية.

لقد عنونت الصحف العالمية تغطيتها لهذا الحدث بخبر «فتاة سعودية عالقة» من أجل إثارة الرأي العام واستدراج عطف المجتمع الدولي، ولو أنهم كتبوا «فتاة عالقة ببانكوك» لما تحركت ضمائر مؤسسات المجتمع المدني، وهي التي لم تصح منذ سنوات مع الإبادة الجماعية بريف أدلب وحماة، ومع التطهير العرقي بالبوسنة وبورما ودارفور، لكن ورود اسم بلادنا بالخبر كان كفيلا بإحياء كل الضمائر الغائبة والميتة لترتدي قناع «حقوق الإنسان» وتترزق من وراء هذا البلد العظيم!؟


من قرأ تغريدات الاستغاثة التي أطلقتها رهف قنون بتويتر سيدرك جلياً أنها لا تزال صغيرة عن لعب دور المعارضة، وأن هناك عقلا مغفلا يقف وراءها ويملي عليها تلك الأسطر المرتبكة، وإلا كيف تدعي حجر عائلتها عليها وهي التي تتنقل بين حائل والكويت، كيف تستغيث من حضن والدها وتختار زمهرير الغربة ملاذاً لها، وكيف تدعي التخلي عن دينها ثم تنوي العيش بدولة إسلامية كماليزيا، والأهم من هذا كله؛ كيف تطلب اللجوء السياسي استناداً لاتفاقية 1951 وبروتوكول عام 1967 وهي لا تنطبق عليها وفق المادة الأولى، لأن طالب اللجوء يجب أن لا يكون قد ارتكب جريمة غير سياسية قبل مجيئه للبلد الملجئ، وهل هناك جريمة إنسانية أكبر من جريمة «عقوق الوالدين» ؟!

عودي يا رهف في أقرب طيارة لبلدك، لتعيشي حياة كريمة كمواطنة، بدلا من العيش لاجئة على الرصيف ببلاد الغربة تفترشين الحصير وتقتاتين على هبات المحسنين، لا تصدقي المغرضين من حولك، فبمجرد ما تخفت الأضواء عنك سيرمونك ويضعون طعما آخر بدلا عنك لصنانيرهم السياسية، وحتى لو قبلت كلاجئة وحصلت على حقوقك، لن تستطيعي الحصول على وظيفة قبل الإقامة 3 سنوات وقبل أن تتزوجي من مواطن بتلك البلد ويكون لك ابن أو أكثر منه، لن تتملكي السكن لأنه سيكون خاضعا للقوانين والسلطة العامة، لن يوفر التعليم لأبنائك إلا للمرحلة الابتدائية فقط، ناهيك عن محدودية الإسعاف العام وخدمة إصدار الوثائق الخاصة، وفوق هذا كله؛ لن تكوني بمنأى عن الرسوم والضرائب المفروضة بتلك البلاد.

إنني أرى تصعيد هذه المطالبة واللجوء لمحكمة العدل الدولية، حماية لهذه المواطنة الساذجة، ليس من عائلتها لا قدر الله، بل من مفوضية اللاجئين، لأنهم إن منحوها حق اللجوء لهذا السبب العائلي البسيط فإن هذا يعد انتهاكا صارخا لبنود اتفاقيتها وبرتوكولها التي تنص صراحة على ضرورة احترام حقوق طالب اللجوء المكتسبة والناجمة عن أحواله الشخصية، وإذا تمت الأمور بهذه الفوضى فإنه يصبح من حق ذلك المراهق طلب اللجوء السياسي لسيرلانكا أو تيمور الشرقية إذا رفض أولاد الحارة أن يلاعبوه معهم كرة قدم، المهم أن يغطي الإعلام المغرض الحادثة ويكتب بالبنط العريض «لاعب سعودي عالق بالدكة»!؟

ajib2013@yahoo.com

تويتر @ajib2013