-A +A
حمود أبو طالب
الأسبوع الماضي، استوقفتني عبارتان لصحفيّين بارزين هما الدكتور هاشم عبده هاشم بتأريخه الصحفي الطويل ومهنيته الإعلامية العميقة التي عاصرت وزارات إعلام عديدة وأحداثا وظروفا وطنية مفصلية، والأستاذ جميل الذيابي رئيس تحرير «عكاظ» حاليا، المتشبع بخبرة صحافية راسخة استمدها من مدارس متعددة ومقومات وعناصر ذاتية أهلته للحضور الإعلامي المؤثر، كتب الدكتور هاشم تغريدة في تويتر قال فيها: «لدينا مشكلة حقيقية في تحويل الأقزام إلى أعلام (أصنام) ومنهم جورج قرداحي وأمثاله، وإذا نحن لم نعالج هذه المشكلة فإن هؤلاء وأمثالهم سوف يفسدون حياتنا بتسلقهم على حسابنا، فنحن لا نهتم بمن يخلص لبلادنا ويحب شعبنا فيما يحظى المنافقون والمتحذلقون بكل التكريم من قبلنا وهم أعداء لنا». واضح أن الدكتور هاشم كتب تغريدته عطفاً على التصريح السيئ لجورج قرداحي بوصفه بشار الأسد شخصية العام على المستوى العربي وحسن نصرالله على المستوى اللبناني، وبلا منازع كما يقول جورج. أما جميل الذيابي فقد قال في ندوة على هامش معرض جدة للكتاب: «الأذرع الإعلامية في العالم مثل السلاح، لا تسلم سلاحك لأحد لا تعلم عنه، سلاحك أبناء الوطن».

حسناً.. من منظور أشمل ورؤية أوسع سوف نركز على هذين التصريحين المهمين لإعلاميين مهمين ونسقطهما على هذه الفترة التي يمر بها وطننا ويواجه فيها حملة إعلامية شرسة، قريبة وبعيدة، ممنهجة ومصروفا عليها بسخاء وتعمل لصالحها أذرعة إعلامية ضخمة، إذ نلاحظ منذ فترة حماساً دفاعيا مستميتاً، مستمراً ومبالغاً فيه من إعلاميين غير سعوديين في مواقع التواصل، يصل حد الإسراف الإنشائي الشديد في مدحنا ومدح وطننا، لا نتهم هؤلاء جزافاً بالتزييف والتملق، بل نشكرهم إذا كانت مشاعرهم صادقة، لكن هناك أكثر من سؤال: هل سيكون مدحهم ذا تأثير لدى المستهدفين بخطابهم، هذا إذا عرفنا من يخاطبون أساساً، فنحن كمواطنين لسنا بحاجة لتعريفنا بأحوالنا، أما غيرنا فهل بإمكانه الارتياح والثقة في خطاب مسرف في الثناء من شخص على غير وطنه. وهل نضمن أن يستمر هؤلاء في موقف أخلاقي إيجابي ثابت من المملكة في قادم الأيام، وهل هناك نتيجة فعلية ملموسة تبرر استمرارهم في هذا الهطول المدائحي المنهمر الذي نخشى أن يضرنا أكثر مما ينفعنا.


في مراحل سابقة اعتمدنا على أقلام عربية للاصطفاف مع المملكة في قضاياها بحكم تأثيرها، لكن بعضها ارتد علينا كأسوأ ما يمكن بعد أن سبب لنا حرجا كبيرا، والآن المرحلة أشد حساسية وأكثر خطورة لا نود أن ترتد تبعاتها الإعلامية علينا نتيجة خطاب غير وطني لا ينبع من الداخل، نحتفي به الآن لكننا لا نعرف كيف ستكون مآلاته. ظفرك الإعلامي الوطني هو وحده الذي سيحك جلد قضاياك إذا ما منحته الثقة ووفرت له المعلومة وأعطيته الحرية.