-A +A
حمود أبو طالب
قبل سنوات ليست بعيدة قرأت خبراً عن بدء الخطوط السعودية توظيف المرأة في بعض أقسامها الداخلية مثل تقنية المعلومات والإدارة وما شابهها مما ليس له علاقة مباشرة بالجمهور. حينها خطر في بالي تساؤل لماذا لا تبدأ الخطوط في توظيف الفتيات كمضيفات على الرحلات الداخلية، انطلاقاً من كونها وظيفة عامة في مكان عام، فالمضيفة السعودية سوف تخرج من منزلها وكأنها ذاهبة إلى أي مقر عمل، وعندما تستقل الطائرة فإنها ليست في خلوة مع أحد وهي في طائرة مليئة بالركاب، وفي رحلة تحكمها أنظمة وقوانين، وسوف تعود إلى مدينتها لتستقل سيارتها إلى منزلها، وفي حالة اضطرارها للبقاء في مدينة أخرى لأي سبب طارئ فستكون في غرفتها في فندق يحفظ لها خصوصيتها ريثما تعود إلى منزلها.

كانت نيتي حسنة وكنت أعتقد أن فكرتي منطقية جداً، فقطاع المضيفات مليء بالآلاف من الأجنبيات اللاتي يحصلن على مرتبات وامتيازات عالية، وبالإمكان استبدال سعوديات بهن دون ضرر عائلي واجتماعي، لكن عندما كتبت مقالاً عن هذا الموضوع قامت قيامة البعض وقرأت وسمعت من مفردات الهجوم ما تعف عنه الألسنة وتشمئز من قوله النفوس السوية، كانت هي ذات المفردات التي يلوكها باستمرار المتشددون المتطرفون الغلاة الحزبيون الدجالون خونة الوطن وعملاء الأعداء، الذين اخترعوا قاموس التغريب والتخوين والتفسيق رغم أن كل الصفات القبيحة هم وحدهم أهلها الذين يليقون بها.


يوم أمس قرأت خبراً أن طيران «ناس» أعلن عن تخريج أول دفعة من المضيفات السعوديات للعمل على متن رحلاتها خلال الشهر الجاري. وقبل إعلان شركة ناس اعتاد المجتمع مؤخراً على رؤية الفتيات السعوديات الطموحات المحترمات في صالات المطارات سواء في المكاتب الأمامية لإنهاء إجراءات السفر أو في المبيعات أو مكاتب الجوازات أو غيرها، يعملن بكل شموخ واعتداد وثقة، ولم يحدث شيء كما كان بارونات الغلو والتشدد يصورون المجتمع السعودي على أنه مجتمع غرائزي بهيمي متفلت، لا لشيء وإنما ليكونوا هم سدنة القرار المجتمعي.

كم أتمنى قريباً سماع أن قائدة الطائرة التي أستقلها فتاة سعودية، وأن أسعد بأن مضيفات الطائرة كلهن سعوديات، سوف أطبع مئات النسخ من ذلك المقال الذي انهالت عليّ بسببه أقذع الشتائم كي أعطي كل واحدة منهن نسخة، وأقول لها يشرفني كثيراً أنني تحملت الأذى لأراك في هذا المكان.