أبا الخيل
أبا الخيل
-A +A
عثمان بن حمد أبا الخيل
حياتنا الاجتماعية مسرح كبير للناس، تناقضات ومشكلات واختلاف في الرأي، وأسوار عالية تخفي وراءها هموما وفرحا. جِدال هنا وحوار هُناك ونقاش هادئ بينهما. لغة العيون ولغة الجسد محيط، وليس بحرا من طرق التواصل الاجتماعي. خلق الله تعالى الإنسان، وكرّمه عن باقي المخلوقات، وميّزه بالعقل والإرادة، وعليه يكون جزاؤه في الآخرة، وجعل الإنسان ذكراً وأنثى، واستخلفه في الأرض لعِمارَتِها، وتكوين المجتمعات. سوء الظن والتسرّع في الحكم والحكم المسبق على الآخرين مرده غياب الحوار وليس الجدال.

قمة التواصل بين الناس ووضع النقاط على الحروف الحوار المتزن، الحوار القائم على الاحترام ومعرفة أسس الحوار وكيفية الحوار البنّاء، والحوار في اللغة يأتي من الحور (بسكون الواو) وهو الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، فيقال هم يتحاورون أي يتراجعون بالكلام. وما أجمل الحوار الذي يهدف إلى تقريب وجهات النظر بعيداً عن التعصب وفرض الرأي والاقتناع بالرأي الآخر. نحن بحاجة إلى الحوار.. وهذا مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني يفتح ذراعيه للحوار.. أليست رسالته (تعزيز الوحدة الوطنية وحماية النسيج المجتمعي من خلال ترسيخ قيم التنوع والتعايش والتلاحم الوطني)، ورؤيته (مجتمع متحاور لوطن متلاحم)؟


الجدال يدل على القوة والشدة، ويقال رجل جدل إذا كان قوي الخصام، وكم من جدال كانت نهايته مؤلمة قاسية والسبب عدم الوعي والإدراك وتحويل الحوار إلى جدال وهذا يحدث كثيراً في حياتنا، إنه الجدال العقيم الذي لا يؤدي إلى نهاية ترضي الطرفين أو الأطراف. إن الجدال العقيم معول هدم في حياتنا، ويضر المجادل ذهنياً ويبعد عنه الناس من حوله فهو نار حامية تصيب من يقترب منها. كفانا الله الجدال العقيم وأراحنا بالحوار الهادئ.

ما أجمل النقاش حين يكون الهدف من النقاش توضيح وجهة نظر صحيحة ويقبلها الطرف الآخر، إنها قمة الإدراك والحس الإنساني، وما أبشع الغطرسة والأنا وقت النقاش حين يكون بيزنطياً، نحن بحاجة للنقاش والحوار في حياتنا في بيوتنا ليستقيم حال البعض الذين يسلكون طريق الجدال. ونحن بحاجة إلى الحوار والنقاش أيضاً بين الأجيال بين الأب وذريته وبين الأم وذريتها والابتعاد عن الإملاءات التي تفضي إلى الفوضى وخلق فجوة يصعب ردمها.

وفي الختام علموا أولادكم فن الحوار، وحب النقاش والابتعاد عن الجدال، إن الحوار يساعد الحوار في بناء وخلق جوّ أسري سليم والنقاش يعبق الحياة الأسرية برائحة الاستقرار.

ومرة أخرى.. الجدال سبب في الهجر وقطع حبال المودة وإفساد ذات البين وامتلاء القلوب بالضغائن. وكم أتمنى أن تقوم وزارة التعليم بتخصيص منهج دراسي يسمى مادة الحوار وتدرّسه في جميع مراحل التعليم لخلق جيل متماسك بعيد عن العنصرية والقبلية والمناطقية، وغرس حب الوطن.

sureothman@hotmail.com