-A +A
خالد السليمان
أسوأ مسؤول هو ذلك الذي يصرح أمام الناس بأنه يقبل النقد ويشجع عليه ويعتبره من إهداء العيوب والاستشارات الثمينة، لكنه خلف ظهورهم يضيق به ويعمل على قمعه ويعتبره استهدافا شخصيا!

واجهت الكثير من هذه النماذج في حياتي ككاتب وكذلك كصحفي، وكان اللافت دائما أن رؤساءهم الأعلى أقل حساسية تجاه النقد وأكثر تقبلا له، والسبب برأيي خشيتهم من وصول هذا الرأي السلبي بأدائهم إلى رؤسائهم!


وخلال لقاء سابق بسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضمني ومجموعة من الإعلاميين كان أول ما بدأ به سموه حديثه الحث على إبداء الرأي الصريح وعدم التردد في المقاطعة عند أي نقطة من حديثه تستوجب التوضيح أو إبداء الرأي المخالف، وبعد نهاية اللقاء الذي استغرق عدة ساعات استرجعت شريط ما دار فيه وكان أهم ما علق في ذهني سعة صدره لسماع الآراء المختلفة وابتسامته المريحة التي لم تفارق محياه طيلة الوقت وكانت ضوءا أخضر للصراحة!

كان سموه في تلك الليلة يُظهر لمستمعيه ومحاوريه شخصية المسؤول الذي يجب أن يكون عليه كل مكلف بمسؤولية عامة في مشروع السعودية الجديدة، فالوطن يخوض تحديا كبيرا لصناعة المستقبل، وكل مواطن شريك في تحقيق ذلك أيا كان موقعه، حتى و لو كان بالرأي والنصيحة!

أعود لما بدأت به، فأقول لمن يضيقون بالنقد أو يظنون أن الناقد يعبر عن خصومة شخصية، قد يكون ذلك صحيحا في حالات محدودة ومكشوفة، لكن الغالبية لا هم لهم سوى الاجتهاد في تقييم العمل والنجاح، وأكثر ما يسعدهم ألا يجدوا ما ينتقدونه لأنهم مواطنون في النهاية، وهم من يحصد ثمار نجاح أي مسؤول، وقد قال لي يوما غازي القصيبي رحمه الله ممازحا بعد نشر مقال ناقد: أنت موظف عندي، مستشار يقدم استشاراته بالمجان من خلال ما يكتب من أفكار إيجابية أو يشير إلى أخطاء سلبية!

أما من يظنون أن المسألة شخصية فليجلس في بيته وينظر إن كان أحد سيكتب عنه حرفا واحدا!