-A +A
علي بن محمد الرباعي
تعتمد الإدارة الحديثة على معايير وضوابط موضوعية، تتجلى مع كل مرحلة تحولات، إذ تتغير الذهنية القديمة وتحل محلها عقليات أحدث، تصب كل تفكيرها في خانة رفع كفاءة الإنتاج، ما يعني أن أي موظف اليوم عرضة لانكشاف مستوى قدراته وإسهامه الفاعل في مؤسسته، وهنا يأتي التقييم العادل لنيل ترقية أو تعيين في منصب، عوضاً عما كانت تقوم عليه الإدارة التقليدية من مراعاة المحسوبيات وصلات القربى، ورفع شعارات «هذا ولدنا»، و«خشمك منك وإن كان أجبع»، و«النسيب أولى من المناسب».

الرقابة الإدارية معنية بتحقيق تكافؤ الفرص، والمساواة، في ظل توفر النزاهة والمعيارية الشفيفة المستوحاة من قوله تعالى: (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) و(من عمل صالحاً فلنفسه، ومن أساء فعليها).


لكل منهجية وذهنية إدارية ثقافة ومرجعية وأدبيات منها الأمثال والحكم والشعر، وذهنية الفساد تتجرأ على المال العام تحت غطاء المثل «إذا كان حق أبوك مأكول كُلْ مع الأكّالة»، والحريص على المنصب يردد «قع نملة تأكل سكر» هذا قبل أن تقلع النمل عن السكر لأسباب صحية.

ثقافة العمل والإنتاج تجعل الجميع يحترمك. حتى وإن فقدت موقعك بسبب اجتهاد خاطئ أو قرار غير موفق، أما أن تقضي سنوات في العمل دون أي أثر إيجابي فمن الأفضل أن تستقيل أو تتقاعد مبكراً، ونحن في زمن تغيير وتحولات أتصور أن رائد التغيير والتحولات لا يتحمل في فريق عمله الكسول ولا المتردد ولا البليد ولا النفعي ولا السلبي الذي يردد صباح مساء كل شيء على ما يرام.

المرحلة الحالية تؤكد أن الإدارة لدينا أقرب ما تكون لإدارة الأزمات، التي توظف الأكفاء لمواجهة التحديات وتجاوز الصعوبات، ويكون تقييم أداء الجميع بصفة دورية والجميع تحت عدسة المجهر، وإذا كان البعض اعتاد على مقولة «نافق وإلا فارق» فذاك زمن ولى، ونحن في زمن المعلومة وهذه مقولة مغلوطة أو أنها تليق بالضعيف من المسؤولين الذي يفرح بالتهليل والتبجيل فيستمر في ضعفه، بينما الناصح الأمين يسهم في تقديم أفضل ما لديه وإن لم يظهر في الصورة أو لم تنسب له الإنجازات.

المسؤول المتجدد والقائد الجدير بموقعه والإداري المميز يفرح بوجود المميزين من حوله، وهنا لا بد من استحضار المثل: «الحي يحييك والميت يزيدك غبن».