-A +A
خالد السليمان
يخطئ البعض عندما يظن أن موت الشخص يمنحه حصانة من محاكمة التاريخ أو تقييم الباحثين لسيرته قانونيا ومهنيا وفكريا، فمن يختار الحياة العامة سياسيا كان أو مفكرا أو حتى كاتبا صحفيا، فإن عليه أن يتحمل حكم التاريخ حيا أو ميتا !

البعض يريد أن نذكر محاسن موتانا دون مساوئهم من حسن نية، لكن البعض الآخر يريدها من سوء نية لمداراة عورات تفضح أعمال ومشاريع وأيديولوجيات تجاوزت الفرد لتستهدف المجتمع !


عندما يموت شخص تسبب في دمار بلاده أو الإساءة إليها والإضرار بها، فإن توبته من عدمها قبل موته أمر يخصه، وبينه وبينه خالقه، لكن من حق التاريخ أن يحاكم تجربته ويقيم مسارها ويحكم على نتائجها، كذلك الأمر عندما يتعلق بخيانة الأوطان أو الأمانة، فلا حصانة لأحد من حكم التاريخ، ولم يكن الموت أبدا شهادة تطهير من ذنب أو براءة من جرم !

لو طبقنا هذه المعيارية التي يريد بها البعض تحصين من لا يستحق حصانة، وتكريم من لا يستحق كرامة، لكانت صور أعظم المجرمين في التاريخ من الطغاة والخونة واللصوص اليوم في براويز مذهبة تترحم عليهم أجيال البشرية !

الشيء الوحيد الذي يستحقه أي أحد اختار أن يكون جزءا من التاريخ أن ينال تقييما عادلا وحكما منصفا، فالتاريخ لا يجب أن تدونه أحبار العاطفة ولا أن تسطره أحرف التدليس، ولا أن يكون الموت ممحاة للصفحات السوداء من حياة أحد !