-A +A
محمد آل سلطان
في ثلاث مقالات سابقة تحدثت عن الإعلام السعودي وعن بعض الفرص والتهديدات التي تحيط به وعن ثقتي وإيماني بأن السعودية تملك إعلاماً قوياً ومزعجاً لأعدائها ولكنه رغم ذلك لايعمل بطاقته وقدرته الكامنة فيه مما يعني أن لديه طاقة كامنة لم تستخدم بعد أو تتبعثر جهودها بتعدد الجهات المسؤولة عنها، وفي هذا السياق قدمت بعض النقاط التي بالتأكيد تظل غير شاملة لكل عناصر الموضوع ولطبيعة مقالات الصحف وسأختم حديثي عن الإعلام السعودي بأن قوته وطاقته الكامنة فيه تأتي من أمرين:

أولهما: أن السعودية دولة مهمة ومؤثرة جداً وأقرب مثال ممكن أن نقدمه في هذا الإطار هو الاهتمام الكبير الذي يجده إعلان الميزانية السعودية من كل وسائل الإعلام العالمي وبيوت الخبرة والتقييم الاقتصادي بشكل ظاهر لايمكن أن يتكرر مع دول كثيرة أخرى.


أما ثانيهما: فهو أن السعودية ذاتها تملك من العقول والموارد البشرية في كل التخصصات، إضافة إلى قوة اقتصادها وماليتها ما يجعل الإعلام السعودي أو أي قطاع آخر قادراً على تجاوز أي تحدٍ أو تأخر ألم به في وقت قصير.

وقبل أن أقدم مقترحي في هذا الشأن لابد أن أشير إلى أن أكبر منعطفات التحول التي مر بها الشأن السعودي مؤخراً هو أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله منذ توليه الحكم في مطلع 2015 بتشكيل مجلسين يضمان كل المجالس المبعثرة سابقاً تحت مظلتين رئيسيتين هما مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ومجلس الشؤون السياسية والأمنية ومنذ تشكيل هذين المجلسين سمحت لي الظروف أن أكون شاهداً ومشاركاً ولو من بعيد ضمن فرق ضخمة ومتعددة وخبيرة عمادها الشباب السعودي حيث استطاعت الإدارة الحكومية في المملكة العربية السعودية بقيادة الأمير الهمام محمد بن سلمان على تقديم خطوات متسارعة أدهشت العالم في شموليتها ودقتها وتسارعها على الصعيدين الاقتصادي التنموي والأمني السياسي، حيث ظهرت السعودية أمام العالم كحكومة شابة ورشيقة تستطيع أن تعمل طوال ساعات اليوم بلا كلل أو ملل وتسبق زمنها وتنظر للمستقبل بعيني صقر لتكتشف الفرص الكبرى مبكراً وتنميها، وتتعرف من جهة أخرى على التهديدات والمخاطر قبل استفحالها وتقضي عليها أو تحد من آثارها لأدنى المستويات. وهو ماحدث فعلاً بإعلان رؤية المملكة 2030 وببرامجها التنفيذية المعلنة بحيث أصبحت عملية التخطيط مصحوبة ببرامج تنفيذية لها أهداف ومستهدفات معينة وأدوات قياس تساعدها على معرفة التقدم نحو تحقيق الأهداف والمستهدفات.

لكن في رأيي تظل الحاجة قائمة إلى وجود مجلس ثالث يضم كل القوى الناعمة والتي قد تدخل بعض ملفاتها وبرامجها في المجلسين المعلنين الاقتصادي التنموي أو السياسي الأمني وهو أن يكون هناك مجلس يضم الإعلام والثقافة والرياضة والترفيه والسياحة والآثار يستطيع أن يلم كل الجهود القائمة والقادمة ليضع لها سياسات وإطاراً محدداً يترجم التقدم الكبير والرؤى المنتظر تحقيقها من وجود هذا المجلس

إن تتابع وتشارك الأمور الاقتصادية والتنموية وتركيز جهودها وخططها وأهدافها تحت سقف رؤية 2030 أصبح أمراً ملحوظاً حيث لم نعد نرى التنافس والتناقض بين الجهات المتعددة على حساب الأخرى بل الجميع يعمل كفريق واحد نحو هدف واحد وكذلك الإعلام أرى أننا بحاجة إلى أن ينضوي تحت سقف مجلس ثالث يستطيع أن ينظم سياسات وأهدافا وشراكات استراتيجية واستثمارات خاصة للإعلام السعودي ومنصاته المتعددة سواء كانت ضمن القطاع الحكومي العام أو ضمن القطاع الخاص.

وأعتقد أننا بهذا المجلس فيما لو اجتمعت فيه الرؤي والأفكار سنكون قادرين على إحداث التسارع والرشاقة المطلوبة بنفس المستوى الذي تم العمل عليه في مجلسي الشؤون الاقتصادية والتنمية أو الشؤون السياسية والأمنية، وصحيح أن ملفات مثل الإعلام والثقافة والرياضة والترفيه والسياحة والآثار شملتها برامج الرؤية وقد تتقاطع مع صميم عمل المجلسين وحققت ما لم تحققه في السنوات الماضية ولكن هذه الملفات في رأيي تستحق كقوة ناعمة للسعودية القادمة بقوة والمنفتحة على المستقبل أن يدرج لها مجلس ثالث برئاسة سمو ولي العهد وأنا أتوقع أنه متى ماحدث هذا سنشهد تقدماً غير مسبوق يضاف على الرصيد المتحقق في هذه الملفات بدرجة تصل إلى طفرة قادمة وخصوصاً في قطاع الإعلام والثقافة.

* كاتب سعودي