-A +A
فواز الشريف
في كثير من المرات أتحدث هنا عن أهمية «الثقافة الرياضية» وأنا ابن اللعبة وصديقها ورفيق حياتها، ثم يذهب البعض للأسف ليعتقد أن ما أعنيه هو المعرفة بأسماء الأندية العالمية أو اللاعبين أو قانون اللعبة أو بعض الطرائق الفنية، فحتى نقاد المرحلة الذين يتصدرون المشهد يعتقدون ذلك الأمر، وهنا يكمن الفرق فيما بين المعرفة كمعرفة وبين الثقافة كثقافة وهو نفس الخلط القائم بين تقبل التبرير كتبرير واعتباره يقوم مقام الاعتذار كما هو الحال بالنسبة للخلط بين النقد كمفهوم أدبي وعلم قائم وبين الانتقاد كحالة تعبر عن عدم الرضا.

إن المعرفة لا يمكن أن تكون ثقافة ما لم نمارس المخزون المعرفي لها كأسلوب حياة، ثم ننتقل من مرحلة المعرفة إلى ثقافة فردية أو مجتمعية وهو محور حديثنا فكل علم قائم لا يمكن أن يكون ثقافة ما لم يصبح جزءاً لا يتجزأ من أسلوب حياة تعم المجتمع.


والثقافة الرياضية التي أتحدث عنها هي من الأمور التي أركز عليها في الكثير من كتاباتي والكثير من كلماتي فأجد نفسي وحيداً حيث أنا؛ ولأننا ورغم المعرفة الرياضية الفائقة عجزنا حتى الآن من رسم نهج خاص بثقافتنا الرياضية لتتوافق مع حياتنا بتفاصيلها؛ ففي المجتمعات المختلفة والمتطورة منها تجد أن تشجيعهم للأندية ومتابعتهم للرياضة نابع من صميم حياتهم كونه إرثاً قائماً على علاقتهم الأولى، إرثاً قائماً على ثقافتهم المجتمعية «وليس جميعهم طبعاً». فكرة القدم مثلاً لعبة قائمة لدى البعض «على المخادعة والمكر والتمثيل في إطار القانون في حين مرفوضة لدى البعض وليست من الشجاعة كما أنها مقبولة لدى الكثيرين بكل الأدوات الممكنة وغير الممكنة.

اليوم هذه اللعبة بالنسبة لنا أو بالنسبة لمجتمعنا الشاب شغلنا الشاغل طيلة الموسم وما بعده، وتعدى الأمر في بعض الناس هنا إلى تصنيف الآخرين ومدى علاقتهم بالفريق الذي يشجعونه، فنحن نهتم بفتافيت هذه اللعبة ومع هذا عجزنا أن نؤطر ذلك وفق ثقافة تكفل لنا الاستمرار والتطوير والاستمتاع بها حتى أضحت واحدة من الهموم الإضافية لحياتنا اليومية.

أنا هنا أعترف بتقصيري في إيصال فكرتي بشكل كامل؛ لأن ما أتحدث عنه «مشروع مجتمع» قد تتكفل به المؤسسة الرياضية كما تكفلت الآن بالبدء بنشر الرياضة المجتمعية أو تتكفل بها الشؤون الاجتماعية أو غيرها من المؤسسات الأهلية القائمة على مثل هذه الأعمال إن وجدت، فإذا استطعت أن تجدول واجباتك تجاه عائلتك ومجتمعك العام فإنه من الضروري عمل (كنترول) على نفسك تجاه الوسط الرياضي والتعاطي معه، فليس كل مباراة ستكسبها أو تخسر الناس من أجلها.