-A +A
أنمار مطاوع
من المشكلات التراكمية التي تواجه المجتمع -ولعلها أكبرها- مشكلة الحصول على رعاية صحية حكومية ذات مستوى مُرضٍ. فالرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية (العامة) لا تحقق رضا المراجعين، وإدارات تلك المستشفيات تتذمر دائما من عدم توفر الأسرّة الكافية والأدوية والمستلزمات الطبية.. وربما بعض الأجهزة الطبية التي تعمل بكفاءة عالية.. وهي -أي الإدارات- لا تستطيع توفيرها ذاتيا.. وفي النهاية، رضا العملاء لا يتحقق.

على مدار سنوات طويلة، اعتمدت وزارة الصحة على ذراع المستشفيات الخاصة -حين كانت تكلفتها في حدود الممكن.. قبل أن تتحول أهدافها إلى تجارة مكتملة الربحية-. هذا الاعتماد أحدث ترهلا في المستشفيات الحكومية العامة مازالت الوزارة تعاني من تداعياته وكأن الفتق اتسع على الراتق.. فألقى بظلاله على مبادرات إصلاح الوضع الراهن.


كل هذا يمكن وضعه قيد التخطيط لإيجاد حلول جذرية.. لا يبدو أنها ستكون قريبة رغم بذل أي وزير جديد يأتي للصحة كل جهده للوصول لحل أمثل.. ولكنها تراكمات مستعصية ستأخذ وقتا لتفكيكها.

في رؤية المملكة 2030، وتحت مظلة (مجتمع حيوي بنيانه متين) تأتي عبارة: توفير الرعاية الصحية لبناء مجتمع قوي ومنتج عن طريق (رفع الخدمات الصحية وتوسيع قاعدة المستفيدين من نظام التأمين الصحي وتسهيل الحصول على الخدمة بشكل أسرع وتقليص أوقات الانتظار للوصول إلى الأخصائيين والاستشاريين). تحقيق هذه الجملة في الوقت الحالي -خصوصا فيما يتعلق ببناء مجتمع قوي- يتطلب توفير تأمين طبي لكل الطلاب والطالبات في التعليم العام والعالي.. فهم جيل المستقبل ورعايتهم صحيا تعني بناء مستقبل صحي للمجتمع ككل. فعدد الطلاب والطالبات في التعليم العام والعالي حاليا، حسب آخر إحصائية، يتجاوز 7.5 مليون طالب وطالبة.. وتوفير بطاقة تأمين صحي شامل لكل واحد منهم يسمح له بتلقي العلاج في أي مستشفى؛ سواء أهلي أم حكومي، هو تحقيق فوري وسريع لعبارة (مجتمع حيوي بنيانه متين).

التأمين الصحي للطلاب والطالبات مطلب اجتماعي ضروري وهام في الوقت الراهن.. كما أنه سيوفر على الدولة مستقبلا الكثير من العبء، فهو يعمل على بناء مجتمع قوي بعون الله وأقل عرضة للأمراض المزمنة.

* كاتب سعودي