-A +A
عيسى الحليان
تطرقت في مقالي السابق عن التعليم في كوريا الجنوبية الذي كان قاطرة التنمية والاقتصاد وكيف أدهشت كوريا العالم بأسره بتقدمها المكوكي في مجال التعليم، فأصبحت تحتل مرتبة متقدمة في العالم تفوق فيها دولا متقدمة مثل أمريكا وبريطانيا، والذي لم تعد مخرجاته محلية فقط وإنما تحولت إلى استثمارات ضخمة وصلت عام 2017م إلى 225 مليار دولار لتمثل 15% من الناتج القومي الإجمالي الذي بلغت قيمته 498 مليار دولار، وهو ما سمح لكوريا باستقطاب الطلبة الأجانب وتحقيق دخول مرتفعة للبلاد من خلال رسوم الدراسة حيث وصل عددهم إلى 124 ألف طالب، وإذا كان الكل يدرك بأن التعليم كان بوابة التنمية في كوريا التي جعلت من كوريا واحدة من القوى الاقتصادية الكبرى في العالم رفع معها دخل الفرد إلى مصاف الدول الثرية، إلاّ أن القليل يدرك طبيعة وكنه هذا التطور الذي تحقق للتعليم وما هي مقوماته وعناصره ولماذا تقدم في كوريا ولم يحصل في البلدان العربية مثلا التي كان بعضها أكثر تقدماً من كوريا في الخمسينات والأربعينات والبعض الآخر إنفاقاً على التعليم كما هي دول الخليج اليوم.

التعليم كنظام الأواني المستطرقة لا يمكن تحقيق تقدم في جزء فيما الجزء الآخر على ما هو عليه، وهنا ضع نقطة ومن أول السطر يمكن أن تفصل كما تشاء وتقول إن أول وأهم الأسباب يعود في جذره الاجتماعي قبل التعليمي إلى الفلسفة الكونفوشيوسية التي كانت تنظر إلى التعليم باعتباره مفتاح الخلاص في الحياة، وثمة مقولة روحية تقول إن «هدف التعليم هو استفادة الجنس البشري» وبالتالي قد يتوفر بعض العناصر الهامة كالإنفاق العالي ونوعية المدارس وقد لا تتوفر عناصر أخرى كتأهيل المعلم وجودة المناهج وقد تحرز تقدما في اللغة الأجنبية فيما تتأخر في العلوم والرياضيات وهكذا، لكن ما هو أهم من هذا كله في إدماج فكرة التعليم في صلب أيديولوجية المجتمع ونفوس أفراده.