Print
Print
البوعينين
البوعينين
-A +A
طارق البوعينين TARIQ1712@HOTMAIL.COM
وزارة التعليم من الوزارات التي يصعب على المواطن وحتى منسوبيها إدراك أهدافها وخططها ورؤيتها المستقبلية، فهي وزارة متقلبة ولا تسير على أسس راسخة، والسبب في هذا كله أن نظام التعليم في بلادنا كالبيت القديم، المختل هندسيا، الذي لا يفتأ أصحابه يتعاهدونه بالترميم والإصلاح، ولكنهم لا يجرؤون على هدمه من أساسه وبنائه من جديد على أسس قوية ونمط صحيح وحديث. وعلى سبيل التمثيل لا الاستقصاء، ما يعانيه الطلاب والطالبات من تكدس المناهج والحشو المفرط للكتب العلمية والمادية، بينما يكفي الطالب أن ينشغل من هذه المواد بالقدر الذي لا يُستغنى عنه ولابد من معرفته، من غير اشتغال بالنظريات المجردة أو دقائق المسائل ودهاليزها، فالدراسات العليا هي في الواقع التي تحدد طريق الحياة، وأما ما قبلها من الدراسة فهي أقرب ما تكون بالثقافة العامة التي هي بمكان المقدمة إليها والتمهيد لها. وفي تصحيح وتنقيح المناهج العلمية إسهام في حل قضايا أخرى شائكة، فكما هو معلوم أن أركان العملية التعليمية هي الطالب والمعلم والمناهج، والحشو لهذه المناهج هو أساس قضية النقص والعجز في المعلمين والمعلمات، والتي من آثار هذا العجز أن ساعات الدراسة لا يتم الاستفادة منها على الوجه المطلوب، فيقضي الطلاب ساعاتهم هدرا، بالتالي يتحتم على الوزارة أن تقلص ساعات الدراسة حتى يتم استيعاب الحصص على أكمل وجه، أو العمل كما أسلفت على تقنين المناهج بالشكل الصحيح والملائم، وهكذا يتم سد العجز الحاصل من النقص في المعلمين والمعلمات. وأما ما يتردد على لسان متحدث الوزارة من نفي وجود العجز والنقص، فإنه هروب من المشكلة وتقليل من أثرها السلبي، وهل قضية الانتدابات إلا شاهد على وجود هذا العجز؟ ومما زاد الطين بِلة أن يتم نفي نية التعاقد مع شركات توظيف معلمين من خلال متحدث الوزارة، ولأن مثل هذا النفي لا يصدر إلا من خلال وجود مشكلة عجز حقيقية، وإلا لما كان لهذا النفي أي اعتبار.

نحن نقدر لوزارتي التعليم والخدمة المدنية سعيهما لأن يكون هناك اكتفاء كامل لشغل وسد العجز في السلك التعليمي، ونتفهم ما يترتب على زيادة الوظائف التعليمية من أعباء على الميزانيات المالية، وما قد لا نعلمه من معوقات في سبيل فتح وظائف لخريجي كليات التربية، لكن ما لا يمكن السكوت عنه أن نرى أجيالنا أصبحت حقولا للتجارب وقوالب لأفكار وموروثات عفا عليها الزمن، إضافة إلى تجاهل الوزارة لحلول جذرية ومجدية، غير أنها قد تكون قاسية لمن هم على رأس الهرم.