-A +A
هناء عبدالرحمن الثبيتي * hanaotibi@
تشكل مراكز الأحياء قوة ناشطة وحيوية في العديد من بلدان العالم، لدورها الفعال في الإصلاح الاجتماعي والحفاظ على صحة المجتمع وجودة حياة الأفراد، ولا نبالغ إذا وصفناها بالعمود الفقري لتلك المجتمعات، حيث أثبتت العديد من نتائج الدراسات التأثير الإيجابي لوجود مركز الحي في تقليص نسب العنف والجرائم والانحرافات السلوكية كجرائم السطو والسرقة والكتابة على الجدران وغيرها، نتيجة ما تقدمه تلك المراكز من أنشطة وبرامج قيمة خلال أوقات الفراغ. وأشارت العديد من التقارير العالمية إلى أهمية مركز الحي في تحقيق التواصل الاجتماعي وإذابة الفوارق العرقية والدينية، إضافة إلى تحقيق مبدأ العدالة المجتمعية من خلال تساوي الفرص بين جميع الطبقات الاجتماعية في الحصول والاستفادة من الخدمات والأنشطة المقدمة فيها. ومن أبرز أشكال هذه الأنشطة والخدمات توفير الدعم لمحدودي الدخل والمشردين، تقديم برامج الرعاية النهارية لأطفال الأسر العاملة، تقديم خدمات الإغاثة والمساعدات في حالة الأزمات والكوارث، إضافة إلى تقديم الأنشطة الترفيهية بأنواعها الفنية والثقافية والرياضية والخلوية.

ولأن المقام هنا لا يتسع لسرد كافة أنواع وخدمات تلك المراكز، فإن التركيز سيكون على الدور الذي يمكن أن تقوم به لتحقيق رؤية 2030. لقد ركز برنامج جودة الحياة 2020 على جانبين مهمين لتحقيق أهدف رؤية 2030، هما تطوير نمط حياة الفرد وتحسين جودة الحياة. وباعتبار مراكز الأحياء من مؤسسات التربية اللامنهجية وأداة التحول الاجتماعي، فإن مسؤوليتها باتت أكبر مما هي عليه في الوقت الحالي لتحقيق تلك الأهداف، وذلك من خلال العديد من الإسهامات مثل: تقديم أنشطة متنوعة وشاملة تلبي كافة احتياجات الأسرة، تقديم البرامج التعليمية والتدريبية لكافة الفئات، توسيع فرص المشاركة المجتمعية وتشجيع التطوع، إضافة إلى تعزيز ودعم نظام الترفيه وتوفير الفضاءات المناسبة لممارسته، والمساهمة في رفع مستوى الأمن والحريات الشخصية، كذلك رفع مستوى الوعي الصحي للأفراد من خلال تشجيع نمط الحياة الصحية، وتعزيز قيم المواطنة والولاء الوطني من خلال إقامة المحافل والفعاليات الهادفة، وأخيرا وليس آخرا، تعتبر مراكز الأحياء مرآة تعكس أسلوب حياة المجتمعات ومدى رفاهيتها، لذا فإن تفعيلها بالشكل المطلوب وتجويد مخرجاتها وخدماتها ما هو إلا انعكاس لمدى التقدم الحضاري لذلك المجتمع، الأمر الذي يوجب على المعنيين والقائمين على تلك المراكز بذل المزيد من الجهود للوصول إلى مجتمعات صحية ومتطورة تواكب المجتمعات العالمية.


* محاضر في جامعة الطائف