-A +A
أحمد عجب
لم تذهب مطالباتنا العديدة بتدريس مادة القانون هباء، بعد أن أعلنت وزارة التعليم مشكورة إدخال مادة القانون ضمن مناهج العام القادم، فالقانون يعد عصب الحياة وأهم بكثير من معادلات ولوغاريتمات الرياضيات التي كرهت جيلاً بأكمله في الدراسة وأنهت مشوارهم التعليمي مبكراً وقضت على أمنياتهم المستقبلية، فحتى اليوم لا يزال ذلك الخمسيني (المتسبب) يسأل رفقاء دربه: بالله عليكم وش استفدنا من أوجد قيمة (س) ثم أوجد الجذر التربيعي لـ (ص) لكن ما نقول إلا (اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع).

تدريس القانون سيكون بالمرحلة الثانوية، لهذا يجب أن لا نغفل تدريس مبادئ القانون كونه الأساس المتين الذي يبنى عليه صرح المعرفة، ليقف الطالب على تعريف القانون ومراحل إصداره والفرق بين القواعد الآمرة والقواعد المكملة وتقسيم القانون لعام وخاص، لكن الأهم أن لا نسهب كثيراً في طرح المبادئ على حساب المعلومات القانونية المهمة التي يحتاجها الشاب بمراحل حياته، يجب أن تكون مخرجات التعليم القانوني محددة وواضحة، وهي تجنيب الشباب القضايا التي قد يواجهونها بسبب جهلهم للقانون، وخاصة القضايا المالية والجنائية والسياسية، إلى جانب تنشيط ثقافتهم لاستغلال الفرص الاستثمارية أو العملية بطريق نجاحهم.


يجب التركيز من الترم الثاني للصف الأول الثانوي، على تعليم الطالب أنظمة المرور وقواعد السير، أنظمة مكافحة جرائم المعلوماتية، أنظمة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، وأن لا يكون ذلك بالتلقين وإنما بالورش المعملية والمقاطع التمثيلية حتى ترسخ المعلومة، وإذا ضاق الوقت يمكن الاستئذان من مدرس الرياضيات وأخذ حصته، المهم التدرج في تعليم القانون في السنتين الثانية والثالثة ثانوي لإيضاح أهم المواد المفصلية بالنظام الأساسي للحكم، وأنظمة العمل والخدمة المدنية، والتجارة، والإجراءات الجزائية.

الغرض من الخلط بين التعريف البسيط بمبادئ القانون وإلقاء نظرة شبه متعمقة لأهم المواد القانونية التي تلامس معاملات الناس اليومية، هو أن يكون الشاب مثقفاً قانونياً أو كما نقول بالعامية (الولد فاهم بالقانون) فيطمئن عليه أهله حين يهجرهم ويلتحق بالجامعة، وليس الغرض خلق ارجوزات كأولئك المحللين الرياضيين الذين يملؤون الشاشة تعصباً وضجيجاً مستندين على تفسيراتهم الغبية للقوانين، أو مثل بعض خريجات القانون اللاتي يقدمن الاستشارات وهن بالكاد يفككن الخط بالمحاماة فتظهر آراؤهن وكأنها مقادير طبخ !؟

لهذا يصبح من المهم على غرار حصر الفتوى على هيئة كبار العلماء، إصدار قرار حازم بحصر تقديم الاستشارة القانونية العامة على المحامين المرخصين (بل وأصحاب الخبرة الميدانية الطويلة)، لأننا لا نريد أن نفاجأ بعد غد بإطلالة ذلك المطوع المألوف مرتدياً روب المحاماة الطويل بعد أن غير فكره الديني المتشدد (لأن السوق طايح هاليومين) واتجه لأنشطة وبرامج الفتاوى القانونية، معتمداً على سماحة مظهره ودراسته السطحية للقانون والفلسفة (أيام الهجولة بالثانوية)، مما قد يخلق لدينا تيار (متذاكي) يحاول استغلال الثغرات القانونية لزيادة ثرواته أو تدعيم مناهضاته، تيار مهجن ما بين السلفية والليبرالية يطلق عليه: تيار الدعوجية !؟