-A +A
حمود أبو طالب
بعد وقت طويل من التعثر خرجت إلى النور جمعية كتاب الرأي (رأي)، والفضل في ذلك يعود لأستاذنا الكاتب المخضرم علي الشدي والزميل العكاظي الأستاذ خالد السليمان، فقد تحليا بالصبر والإصرار والمثابرة على متابعة طلب الموافقة عليها ومقابلة المسؤولين المعنيين لإقناعهم بوجاهة المطلب وأهميته وتوضيح أهداف الجمعية وتصحيح أي لبس حول مفهومها والغرض من إنشائها. والحقيقة أن ما واجهه طلب إنشاء هذه الجمعية من تعطيل لا يختلف عما تواجهه طلبات مشابهة في مجالات الفكر والأدب والثقافة، بل وغيرها من المجالات والتخصصات بسبب التحفظ الذي لا مبرر له من وجود هذه الكيانات كنشاط مدني غير مرتبط بالمؤسسات الرسمية، والتوجس الذي لا معنى له من بعض المسميات مثل جمعية أو اتحاد أو نقابة أو أي مسمى مشابه يدل على وجود مجموعة ذات اهتمام أو تخصص معين تمارس نشاطها باستقلالية.

وللتوضيح فإن هذه الجمعية تختلف عن جمعية الصحفيين لأنها مختصة بكتاب الرأي فقط، وإذا كان هؤلاء يكتبون في الصحف فهناك اختلاف بينهم وبين العاملين في الصحافة كمهنة، لكنهم جزء أساسي فيها، إذ لا يمكن لأي صحيفة أن تكون بلا كتاب رأي، بل إن بعض الصحف تكتسب قدراً كبيراً من أهميتها وانتشارها من أهمية محتوى الرأي فيها، ولذلك نجد كثيراً من الصحف الأجنبية تحرص على كتابها المتمرسين المؤثرين وتعتني بهم وتجعلهم متفرغين للكتابة فيها بامتيازات مادية ومعنوية كبيرة، كما أن لهم تقديراً واعتباراً في مراكز صنع القرارات، ومشاركة في تشكيل الوعي العام وإسهاماً في تكوين الصورة الذهنية الإيجابية لبلدانهم لدى الآخرين، والمساعدة في صياغة بعض سياسات الدولة بحكم اطلاعهم واتصالهم المباشر مع المجتمع ومعرفة نبضه ومزاجه واحتياجاته وتوجهاته بشكل أدق قد لا يعرفه المسؤول، كما أنهم يمثلون جبهة صد قوية عندما تتعرض أوطانهم للتعدي والهجوم الإعلامي الممنهج.


ولكن بالإضافة إلى القدرات الذاتية لكاتب الرأي فإنه لكي يكون فاعلاً ومؤثراً يحتاج بالضرورة إلى فهم صحيح لطبيعة مسؤوليته ومهمته، واستقلالية في ممارسة دوره، وهامش جيد من الحرية للتعبير عن آرائه، وحسن ظن به يتقدم على سوء الظن إلا إذا ثبت قطعاً أنه غير جدير بذلك. وما لم تتوفر هذه العوامل فإنه يصعب أن يوجد ما يمكن تسميته بحق كتابة رأي.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com