-A +A
منى المالكي
ما حدث الأسبوع الماضي من معركة تويترية بين الناقد الدكتور عبدالله الغذامي والروائي الأستاذ عبده خال متعة وفائدة كنت أتمنى ألا تتوقف! نعم هذا النوع من المواجهات الثقافية والفكرية بين المثقفين تكشف الكثير من الخبايا والأسرار التي لم تُكتب ولن تُكتب! فالهامش الذي يركز عليه كل طرف ويمرره للآخرين يكتسب دهشة مختلفة عن الحديث الموجه والخطاب المركز في بحث أو كتاب.

ومثل هذه المعارك الثقافية زاد مهم للباحث كي يكتشف العوالم الخفية، بل وبسببها تظهر اتجاهات فنية مختلفة تتشكل من خلال الأخذ والرد بين الأدباء والمثقفين، كلنا يذكر النقائض بين جرير والفرزدق التي تعد منجماً أدبياً هائلاً لمعرفة أنساب القبائل والحركة السياسية والاجتماعية في العصر الأموي، رغم الهجاء المتجاوز في بعضها إلا أن اللغة الشعرية كانت الهاجس الأول للناقد والمتلقي فلم يعني أحد أبداً أيهما الأصدق ومدى موضوعية الحدث، كل ما يهم الدهشة والإبداع.


وتستمر هذه المعارك حتى نصل لأمير الشعراء أحمد شوقي والمفكر الكبير عباس محمود العقاد وقيام مدرسة الديوان التي ترأسها العقاد حاملاً لواء التجديد ومسلطاً أسلحته النقدية كاملة صوب صدر الكلاسيكيين ليعلن عن قيام التحول الكبير للشعرية العربية.

ومازالت الحكاية مستمرة لنصل للمشهد السعودي وقيام المعركة بين محمد حسن عواد صانع الحداثة السعودية الأول وحمزة شحاتة «القمة التي لم تُكتشف بعد» وإن كانت المعركة غير مرضي عنها في جوانب، ولكنها تظل مواجهات ثقافية تأخذ أبعاداً يحتاجها المتلقي لتكتمل الصورة في جوانب مختلفة ولو إلى حدٍّ ما.

الغريب أن البعض ينظر لمثل هذه التغريدات بين الأستاذ عبده خال والدكتور عبدالله الغذامي وكأنها تكشف عن مستوى غير جيد للنخبة، والحقيقة غير ذلك، فنحن نحتاج إلى صراعات ثقافية نخرج منها بالغريب والعجيب الذي يثري مشهدنا الثقافي البارد منذ الثمانينات الميلادية وحتى الآن!

* كاتبة سعودية

monaalmaliki@