عبدالله الغذامي
عبدالله الغذامي




عبده خال
عبده خال




علي الشدوي
علي الشدوي




إبراهيم شحبي
إبراهيم شحبي
سعد الهمزاني
سعد الهمزاني




محمد الراشدي
محمد الراشدي
-A +A
علي فايع (أبها) alma3e@
أثار اتهام الدكتور عبدالله الغذامي كتاب القصة القصيرة في السعودية الذين يكتبون الرواية بالتشتت الذهني والثرثرة، العديد من ردود الأفعال، حيث استشهد الغذامي بالكاتب الروائي عبده خال الذي قال إنه نموذج واضح للربكة السردية!

وكان الغذامي قد أورد رأيه السابق تعليقا على تغريدة للقاص محمد الراشدي، قال فيها إن القصة القصيرة تترك في وعي كاتبها أثرا لا يمّحى. ومن ذلك أن بعض الروائيين الذين عبروا إلى الرواية من بوابة القصة، جاءت تجاربهم اﻷولى مثقلة بميراث القصة في جوانب اللغة والتكثيف وأجواء القصة عموما، حتى إن بعض الروايات يمكن أن تختزل إلى نصف حجمها دون أن يتأثر مضمونها، إلاّ أنّ هذا الرأي لم يثر كثيراً النقاد وكتاب القصة بنفس الدرجة التي أثار فيها تعليق الغذامي للردود المستنكرة وربما المؤيدة. هذا الرأي للغذامي فسّره الروائي عبده خال بأنه جاء نتيجة موقف لدى الغذامي من رأي كتبه خال قبل أيام عن ريادة الغذامي المزعومة للحداثة. وأضاف خال أنك تستطيع إغضاب الغذامي بسهولة، فقبل أيام كتبت أنه لا يمثل عمود الخيمة للحداثة كما ادعى في كتابه، ويبدو أنه ما زال متذكرا قولي: بأنّ لديه نقصاً ولم يستكمل مشروعه الثقافي بعد. واتهم خال الغذامي بأنه لم يكن يقرأ الرواية أو القصة، وتساءل كيف ظهر منظّرا عن القصة والرواية الآن؟


الكاتب سعد الهمزاني أكد لـ«عكاظ» أنه يتفق مع الدكتور عبدالله الغذامي في رأيه عن الثرثرة التي يحشو بها بعض الروائيين نصوصهم القصصية لتملأ الثوب الروائي الفضفاض!

‏وأضاف أنّ الغذامي وضع يده النقدية الثقيلة على رقبة عبده خال الروائية لتفريغ رواياته من الثرثرة فأحالها قصصا قصيرة وهذا من حقه كون اللحظة مناسبة لطرحها من خلال إيراد النموذج الروائي الذي سببت له الثرثرة «ربكة سردية» في روايات عبده خال!

وأكد الهمزاني أنّ هذا من حق الغذامي، ويفرحنا لأنّ عودة الغذامي وغيره إلى النقد الأدبي الفني بعد أن تاهوا في تفاصيل النقد الثقافي جيدة. وتساءل الهمزاني: هل الغذامي مصيب في رأيه ونموذجه أم لا؟ هذه مسألة أخرى، فالآراء تختلف وتتباين في تجربة عبده خال الروائية، لكنني تمنيت من عبده خال أن تكون ردوده على الغذامي موضوعية وموضعية، فتوسيع الخلاف وإقحام الآخرين في قضية لا علاقة لها بموضوع الثرثرة هو أيضا ثرثرة لا تخدم رأيه!

فيما قال القاص والروائي إبراهيم شحبي بأن الغذامي يثرثر أكثر من ثرثرة كتاب القصة والرواية، خصوصا أنه بعيد عن التعاطي مع الإبداع بعد أن هجره منذ سنوات إلى النقد الثقافي ومقاربة الأنساق.

وأضاف شحبي أن كتابة الرواية وعالمها ليس دخيلا على القصة بقدر ما هو استفاضة في التفاصيل وتوسع في البناء، وبحكم الغذامي هذا فإنه ينبغي للشعراء وكتاب المقالة والمسرح عدم الاقتراب من عالم الرواية لأنهم بمنأى عن التعاطي معها.

وأكد أن الواقع الروائي يرفض ثرثرة الغذامي لأن كتابا عالميين أبدعوا في الرواية وهم من كتاب القصة.

«عكاظ» تواصلت بدورها مع العديد من النقاد والروائيين السعوديين لأخذ آرائهم حول تعميم الغذامي وتبعيض الراشدي، إلاّ أنّ بعضهم اعتذر عن التعليق فيما تجاهل الآخرون تساؤل «عكاظ».

الناقد علي الشدوي قال إنّ هناك معطيات عن أنّ القصة والرواية مقولتان اصطلاحيتان، وإن تمييز القصة عن الرواية قرار لا يتخذه شخص واحد إنما هو قرار تتخذه الجماعة الثقافية. وأضاف الشدوي أنّ القصص الطويلة كبعض قصص عبده خال تحمل في طياتها احتمالية أن تكون روايات قصيرة، وبعض رواياته تحمل في طياتها أن تكون قصصا طويلة. يعني هذا أن ما يتعلق بما هو قصة أو رواية من حيث هما نوعان أدبيان إنما يسفر ذلك عن بروز خصائص وأعراف أدبية نعرف سلفا أنها من خصائص القصة أو الرواية. وإذا كانت ابتكارات عبده خال في مجال القصة القصيرة لم يُلْق عليها الضوء كما يجب فإن محاولاته في الرواية لُمست -مجرد لمس- في أكثر من قراءة، لكن الابتكار الروائي الذي أراده عبده يتطلب منه أكثر من مجرد بنية رواية مختلفة إلى حد ما. ما كان يحتاجه عبده خال هو أن يبتكر، وكما نعرف فهناك فرق بين الابتكار وبين أن نأتي بشيء لم يأت به أحد من قبل. ويؤكد الشدوي أن خال أتى بشيء لم يكن من قبل، إذ يشبه الرجل الذي لا ظل له كما في رواية الطين، أو الفتاة التي تهرب من قبرها كما في رواية فسوق، لكن ما أراده عبده خال هو الابتكار وهو ما ينتمي إلى الإبداع الذي يعرف عبده أنه يتطلب أكثر من حدث نادر ولم يكن من قبل. فيما كان عبده خال يطلب البساطة في قصصه القصيرة، البساطة التي تنبع من صعوبات القصة القصيرة وليس من تجاهلها، وحينما فهم جيدا الصعوبات الكامنة فيها وأتى بحلول مبتكرة ملحوظة من القارئ الخبير، جاءت بعض رواياته ذات بناء معقد، وبعضها طويل جدا يكفي أن أذكر هنا رواية الطين، فالقارئ يشعر أنه يقرأ رواية، يشعر بالكاتب وهو يتحايل، ويورط ويبتكر الحيل السردية، وهذا ليس سيئا إذا ما بقي غير ملحوظ من القارئ، أما أن يكون ذلك واضحا فلا؛ لأن وضوح الحيل السردية ليس من سمات الرواية. من جانبه، أكد القاص محمد الراشدي لـ«عكاظ» أن الرأي الذي غرد به في تويتر يتعلق ببعض الروائيين الذين عبروا إلى الرواية من بوابة القصة القصيرة، وحين أقول بعض الروائيين فذلك يعني أن تلك الملاحظة ليست قاعدة مضطردة عند كل من انتقل من القصة إلى الرواية. والفكرة أن من كتاب القصة من ينتقل إلى الرواية فيحمل معه أدوات القصة وتقنياتها ليعيد تجريبها في مساحات كتابة أوسع يخلط فيها بين مقتضيات الكتابة الروائية وميراث القصة القصيرة في وعيه ووجدانه. وأضاف الراشدي أن اﻷشكال السردية كلها تتقاطع في خطوط رئيسية ومشتركة، لكن لا يبلغ اﻷمر أن يشعر القارئ وهو يقرأ رواية ما أنه أمام مجموعة قصصية كبيرة!

ويتجلى هذا بوضوح في اﻷعمال الروائية الأولى لمن تقدمت لهم تجارب في الكتابة القصصية، إلا أن ذلك ليس على إطلاقه، ومن كتاب القصة من يحسن الانتقال بين هذه وتلك دون أن يعيد القصة في صورة رواية.

وضرب الراشدي مثالاً برواية «الرياض.. نوفمبر 90» لسعد الدوسري، وبعيدا عن الإحالة التاريخية التي منحت هذا العمل شهرته، فهذه الرواية لا أتردد أن أصفها بمجموعة قصصية ضخمة، ولا أتجنى إن قلت إنها لو اختصرت إلى نصف حجمها فلن يشعر القارئ بفرق في بنائها السردي ومضمونها عموما، بل ربما استراح من ذلك التكثيف وتلك اللغة المنتمية إلى فضاءات القصة القصيرة طوال فصول الرواية.

ولعل من يقرأ رواية «سماء فوق إفريقيا» لعلي الشدوي سيشعر أنها في اﻷصل كانت قصصا متفرقة أو مشروع مجموعة قصصية أعاد الشدوي صياغتها بذكاء لتكون رواية. وعن سؤال «عكاظ» له باعتباره كاتباً للقصة وهل سيقع في المشكلة ذاتها إن كتب الرواية؟ أجاب الراشدي بأنه حاليا يكتب القصة القصيرة، ولم يجرب الرواية بعد، وحين يكتبها فسيترك للقارئ والناقد مهمة الإجابة على هذا السؤال، لكنه تمنى ألاّ يتورط في «ربكة سردية» كتلك التي وصف بها الغذامي روايات عبده خال.