-A +A
عبدالله صادق دحلان
تعاون سعودي إماراتي بين مؤسسة النقد العربي السعودي مع المصرف المركزي الإماراتي لإنشاء عُملة مشفرة مغطاة بالنقد في البنك المركزي الإماراتي، وتستخدم بين البنوك السعودية والإماراتية كمدفوعات في بعض البنوك الخليجية، وهو توجه صحيح وآمن لاستخدام العملات الإلكترونية.

وقد كنت كتبت محذرا من التوسع في استخدام العُملات المشفرة مثل (البيتكوين) وغيرها من العملات الإلكترونية، وكان أساس تحذيري نابعا من عدم وجود بنوك مركزية ضامنة لهذه العملات ولا تستند على تغطية مالية لو حدث وأن واجهت اضطرابات في قيمتها مثل الذي حصل لعملة (البيتكوين)، حيث انخفض سعر الوحدة من قرابة العشرين ألف دولار إلى ستة آلاف دولار، وواجه المستثمرون فيها خسارات تقدر بالمليارات وكثيرا منهم من دول الخليج، وللأسف لم تعتمد هذه العملة من قبل أي بنك أو دولة، ونتيجة لهذا وتحسبا لانهيارات مستقبلية توجهت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية لإنشاء عملة خليجية مغطاة من البنك المركزي الإماراتي ومؤسسة النقد السعودي كضامن لقيمة العملة واستخدامها، مستخدمين تقنية (البلوك تشين)، وهي تقنية جاذبة للعديد من القطاعات الحكومية والأهلية، حيث بالفعل بدأت كثير من الشركات حول العالم بتفعيل الخطوات السريعة نحو التحول الرقمي في مجال (البلوك تشين) متوقعين وصول حجم الاستثمار في التقنية إلى حوالي (11.7) مليار دولار في عام (2021)، ونظرا لأهمية تطبيق (البلوك تشين) في التجارة الإلكترونية في المملكة ودول الخليج، حيث بدأ فعلا تطبيق هذه التقنية في كثير من القطاعات في دبي؛ مثل قطاع النقل والقطاع البحري وغيرهما، وبناء على هذه التجربة الناجحة في دبي، فقد تطابقت توجهات المملكة في هذا المجال إلى الموافقة على إنشاء مشروع سعودي إماراتي لإنشاء عملة مشفرة.


وقد سبق هذا المشروع تجارب لـ(ساما) حيث أطلقت مشروعا تجريبيا بداية عام (2018م) مع شركة ريبل الأمريكية، الشركة التي تمتلك تقنية (بلوك تشين) للمدفوعات الخارجية لأنها الأكثر أمانا وسرعة، وكذلك أعلنت شركة (أمازون) التجارية الإلكترونية عن إطلاق خدمات (بلوك تشين)، لأن هذه التقنية أصبحت معروفة ومطلوبة من قبل العملاء الذين يريدون إلغاء وسيط طرف ثالث عن طريق إنشاء سجل دائم وآمن للمعاملات، وكذلك أنشأت كبرى الشركات منصات بلوك تشين مثل «أوراكل» و«أي بي إم» وبعض الشركات الصينية مثل «بايدو» و«تينسنت» و«هواوي»، وكذلك تعمل «جوجل» أيضا على تطوير خدمات (بلوك تشين) خاصة بها، لتعزيز حلول الخدمات السحابية، وتدرس شركة (سامسونج) للإلكترونيات استخدام تقنيات (البلوك تشين) لتتبع الشحنات العالمية التي تصل قيمتها إلى عشرات مليارات الدولارات سنويا، وتتنبأ شركة «Gartner» بأن الأعمال ذات الصلة بهذه التكنولوجيا ستخلق 176 مليار دولار من القيمة بحلول عام 2025.

وقد يتساءل البعض ما هي تقنية (البلوك تشين)؟ وبتعريف بسيط هي تقنية تعمل على هيئة نظام سجل إلكتروني لمعالجة الصفقات وتدوينها بما يتيح لكل الأطراف تتبع المعلومات عبر شبكة آمنة لا تستدعي التحقق من طرف ثالث، و(البلوك تشين) هي في الحقيقة قاعدة بيانات لأسلوب جديد لتنظيم البيانات، وهي ليست عملة إلكترونية وإنما تعمل العملات الإلكترونية ومنها البيتكوين على استخدام قاعدة بيانات (البلوك تشين).

ولكن معظم العملات الإلكترونية غير مضمونة أو مغطاة من بنك مركزي أو دولة أو بنك تجاري وهذا هو التخوف لدى المتعاملين معها.

ولضمان استخدام العملات الإلكترونية الخليجية، فإن مشروع السعودية والإمارات يعتبر هو المشروع المضمون للعملات الإلكترونية باستخدام قاعدة بيانات (البلوك تشين) ومضمونة من البنك المركزي الإماراتي ومؤسسة النقد السعودي.

وأجزم أنه سيكون مشروعا ناجحا وسيحقق نجاحات كبيرة في مجال التجارة الإلكترونية، وسيتعامل مع هذه العملة الملايين من الراغبين في استخدام العملة الإلكترونية في أعمالهم التجارية الإلكترونية، وسيتحول الملايين من البيتكوين وغيرها إلى العملة الخليجية الإلكترونية؛ لأنها مغطاة من البنك المركزي الإماراتي ومؤسسة النقد السعودي، وهما مؤسستان ماليتان تحظيان بكامل الملاءة والثقة المالية عالميا ومحليا.

ونصيحتي لزملائي المضاربين والمستخدمين للعملات الإلكترونية العالمية التوجه إلى العملة الخليجية الإلكترونية التي سيكون لها مستقبل كبير في السنوات القادمة، حيث ستسيطر التجارة الإلكترونية على التجارة التقليدية العالمية.

وآمل من مؤسسة النقد العربي السعودي والبنك المركزي الإماراتي، سرعة الانتهاء من جميع الاتفاقيات وطرح العملة الجديدة؛ لأننا في أمسّ الحاجة إلى عملة إلكترونية مضمونة من بنوك مركزية وهذا هو الاتجاه الصحيح للتوجه للتجارة الإلكترونية.

* كاتب اقتصادي سعودي