-A +A
محمد الساعد
يقول مذيع قناة الجزيرة الإنجليزية، خلال لقاء مع عبدالله العودة بث قبل أيام من مكتبها بواشنطن:

حسناً يبدو أن «سلمان العودة» – يقصد والده - تطور فكرياً عبر السنين من موقف يميل للمحافظة إلى موقف يميل إلى الليبرالية!،


العودة الصغير يرد: اجتماعياً بشكل خاص!

يعود مذيع الجزيرة قائلاً: اجتماعياً عن الديموقراطية، عن غير المسلمين، عن الطائفية، عن موقفه من الشواذ جنسياً.

عبدالله العودة يقول معقباً: نعم نعم هذه هي الحقيقة!

ما ورد على لسان العودة الصغير لم ندّعِه ولا وضعناه على لسانه، بل موجود وموثق صوتاً وصورة في أرشيف القناة وعبر وسائل التواصل.

هي ليست زلة لسان؛ فعبدالله العودة -كما تقدمه الجزيرة- لديه دكتوراه من جامعة في أمريكا، كان والده ذات يوم يصفها بالطاغوت الأكبر، وأن «التحالف» معها هو من أسباب سقوط الدول، ما قاله «العودة الصغير» في حقيقته تطبيع مع الشذوذ ومع الليبرالية المتطرفة واليسار في أمريكا والغرب الذين يقرون ويدعمون هذه السلوكيات بل ويعلون من شأنها ويدعمون من يتبناها.

«الجزيرة» بشقيها العربي والإنجليزي، وتستكمل دورها صحف الواشنطن بوست والنيويورك تايمز، تقوم بدور خطير في تسويق المتهمين بالتطرف وإعادة توضيبهم موضوعين في ورق سولفان لماع وبراق، ويلبسون بدلاً غربية أنيقة، متخلين عن الجلباب الأفغاني وسمات التطرف التي تعود عليها المجتمع الغربي، يتم تقديمهم على أنهم ليبراليون جدد منفتحون تركوا تطرفهم القديم لكن الأنظمة تقوم بقمعهم بسبب انفتاحهم كما يزعمون، هذا ما قالوه عن متطرفين سابقين والآن سلمان عودة، بينما هم في حقيقتهم متطرفون إرهابيون يستخدمون «وجهين» في أفكارهم، رأياً للمجتمعات العربية والإسلامية يحمل التطرف والتشدد، ورأياً للشارع الغربي يدعو لتشارك الأفكار والتسامح وقبول الآخر حتى وصل بهم الأمر إلى شرعنة ما لا تقره الأديان ولا القيم الإنسانية.

المهم في هذا كله أن من صنف السعوديين خلال المعارك الفكرية التي أشغلوا بها المجتمع لخمسة عقود ما بين تغريبي وعلماني وملحد وصهيوني، استخدموها لإبادة خصومهم من المواطنين السعوديين، يتخلى الآن بوجه وقح أمام الغرب فقط عن تلك الجريمة بعدما أثخنت المجتمع تقسيماً وتشويهاً وتحريضاً، ليس عن قناعة لأنهم لم يتخلوا عنها حقيقة بل تقية لتمهيد الطريق للانقلاب على الحكومات والتربع على كراسي الحكم.

اليوم يتم استخدام تشريع «الشذوذ» للوصول إلى الحكم ليس على ظهور الدبابات كما فعل خونة العراق من قبل، بل على حساب الدين والأخلاق والقيم واسترضاء للغرب ليصطف معهم.

عبدالله العودة يقرعلانية بذلك ويجيب على لسان والده بأن تلك هي الحقيقة، سبقه من قبل وفد من الإخوان المسلمين في عام 2012 اجتمع مع لجنة من الكونغرس الأمريكي قبيل ترشح مرسي للحكم في مصر؛ تطميناً لدوائر أمريكية كانت تخشى وصول الإخوان المؤيدين من حكومة أوباما، قام الديموقراطيون بترتيب اللقاء، وخلال جلسة الحوار دارت أسئلة حول نقاط عدة كان منها: هل يقبل الإخوان المسلمون بالشذوذ، أجاب الوفد بالإيجاب والدعم.

في تركيا نستذكر أيضاً لقاء انتخابياً شهيراً تم بين أردوغان وجمعية الدفاع عن حقوق الشواذ التي تضم الملايين وأقر في اللقاء المنشور بوجودهم والتزم بدعمهم.

هي إرهاصات تحالف بدأ يتجدد بين قوى اليمين المتطرف في العالم العربي -الذي يمثله الإخوان المسلمون- واليسار المتطرف في الغرب، ومن الواضح أن هناك من استطاع إيجاد منطقة وسط لتحقيق هدف واحد، المتفق عليه الإيمان بالقيم الغربية وإتاحة الفرصة لها في العالم العربي وإعطاء المثليين مساحات للتحرك علانية، في مقابل دعم لا محدود ينتهي بتمكينهم من الحكم والانقلاب على الحكومات القائمة.

*كاتب سعودي