-A +A
نجيب يماني
في عادة ملكية كريمة دأب عليها المؤسس -طيب الله ثراه- وسار على دربها أبناؤه الكرام البررة من بعده في صورة توضح التلاحم بين القيادة والشعب في نموذج سعودي مؤصل في الحكم.

تكتسب الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله ورعاهما- إلى منطقتي القصيم وحائل والجوف وباقي مناطق المملكة إن شاء الله بعدًا خاصًّا، بما اشتملت عليه من رسائل عديدة، لا يمكن فصلها عن الجو العام الذي تعيشه المملكة تحت ظلال رؤية 2030.


فأوّل هذه الرسائل تتجلى في توقيت الزيارة، وكونها الأولى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان على مناطق المملكة بعد تسنمه القيادة، فمن غير الخافي على أي أحد ما ظلت تتعرّض له المملكة من استهداف إقليمي، يستغل الأبواق الإعلامية المأجورة لنفث سمومه، وتمرير أجنداته المضروبة، فجاءت هذه الزيارة لتؤكد اللحمة الوطنية التي تعيشها المملكة، من مظهر الاحتفاء الذي عايشناه خلال هذه الزيارة، ومقدار الحب الفياض الذي تجلى من الشعب إلى قائده، حيث صدحت الحناجر مغنية «بشاير سلمان» في القصيم، وأخرجت حائل زينتها يوم الفرح، وهللت الجوف فرحاً وتوثقت الأواصر بين الأب القائد وشعبه الوفي، وشهدت الدنيا هذا التلاحم العظيم، والصلة الوثيقة، بما أخرس الألسن المأجورة، وقطع سيل كذبها المأفون.

أما الرسالة الثانية فيمكننا قراءتها من خلال المشروعات الضخمة التي أرسى حجر أساس بعضها، ودشن بعضها الآخر، وهي في مجملها تكشف حجم الحراك الاقتصادي المهول الذي تشهده المملكة العربية السعودية في كافة المجالات، بما يدفع عجلة التنمية والتطور في هذا البلد المعطاء إلى الأمام، وتوفر فرص العمل لبنيه في كافة القطاعات، خصوصاً أن هذه المشروعات جاءت متعددة في مجالاتها، متسقة مع روح التطور والتقدم، متوازنة في مقياس التنمية، مستوعبة للموارد ومستغلة لها أمثل استغلال، بما يبشّر بغد مزدهر، ومستقبل واعد.

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه النظرة الاقتصادية، تأتي متسقة مع مثيلاتها، فقبل هذه الزيارة المباركة الميمونة بأيام، دشن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سبعة مشاريع عملاقة، أبرز ما فيها أنها جاءت ملبية لروح العصر، ومتوافقة مع روح التطور الذي تنشده القيادة، وتسعى إليه المملكة في حاضرها ومستقبلها، ويمكننا الوقوف على ذلك بالنظر إلى المجالات التي طرقتها هذه المشروعات الاستراتيجية، متمثلة في الطاقة المتجددة والذرية وتحلية المياه والطب الجيني وصناعة الطائرات، فكل هذه المجالات التي نحت إليها المشروعات تكشف السعي نحو إحداث تنمية متطورة ومتقدمة، ومواكبة لروح العصر، ومتسقة مع التوجه العالمي، بما يتوافق مع رؤية ولي العهد التي أعلنها في مؤتمر «مستقبل الاستثمار السعودي» مؤخرًا، وعزمه الواثق من جعل المملكة وكل منطقة الشرق الأوسط نظيرة لأوروبا في المستقبل القريب، وهي القضية التي نذر حياته النضرة لتحقيقها.. فإذا ما استصحبنا هذه الروح الوثابة، والمشروعات الاستراتيجية السبعة، مضافًا إليها المشروعات التي تم تدشينها ووضع حجرها في القصيم، والتي بلغت 600 مشروع بقيمة إجمالية تتجاوز الـ(16) مليار ريال، والمشاريع التي حظيت بها منطقة حائل أيضًا وقاربت في عددها الـ(250) مشروعًا بكلفة إجمالية تقارب الـ(7) مليارات ريال إضافة إلى مشاريع الخير في منطقة الجوف التي ترتفع فيها شواهد التنمية عالياً وتكون جامعتها رائدة في أبحاث وصناعة المواد الغذائية كونها من أهم المناطق الزراعية في المملكة، لو استصحبنا كل ذلك أمككنا أن نقف على حجم الحراك الاقتصادي الذي تشهده المملكة في حاضرها، والمستقبل الذي يُرسم لها بكل اقتدار وعزم. وها هنا تكون الرسالة الثالثة لهذه الزيارة المباركة، المنظورة في الاطمئنان لمستقبل المملكة، وتجديد روح العزم في أوصال المجتمع للالتفاف حول قيادته، والاستفادة القصوى من هذه المشاريع، التي تتطلب من الشباب على وجه التحديد أن يكونوا على قدر الرهان بإثبات جدارتهم في المشاركة الفاعلة فيها، وتأكيد أن العقل السعودي قادر على إحداث الفارق في منظومة التنمية المتطورة، وهنا يأتي دور الجامعات والكليات التطبيقية في تأهيل الكوادر السعودية القادرة على تحريك عجلة التنمية في مشروعات الوطن دون الحاجة إلى الكوادر الخارجية، وهنا يكمن الرهان الكبير، الذي تنتظره البلاد، وتتطلع إليه القيادة، ويستشرفه مستقبلنا الواعد.

* كاتب سعودي