-A +A
عبدالله صادق دحلان
يصادف يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع الاحتفال باليوم العالمي للطفل لعام 2018 بشعار يرفعه «الأطفال يدعون للسلام» والاستجابة لدعوة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في جميع أنحاء العالم باستخدام جميع وسائل الإعلام وبكل الطرق والأنشطة للتعبير عن دعمهم للملايين من الأطفال في العالم من غير المتعلمين والمحرومين والمشردين والفقراء، وهي رسالة لقادة دول العالم وللشركات والمؤسسات والأثرياء للمساهمة في دعم أطفال العالم من الفقراء غير القادرين على التعلم أو العلاج أو إيجاد المأوى، وهي رسالة إنسانية لأداء واجب إنساني تجاه أطفال العالم، والعمل على تطبيق اتفاقية منظمة العمل الدولية لمنع عمالة الأطفال وحماية الأطفال من أضرار وسيئات عمل الأطفال والتعويض عن عملهم بتعليمهم وتدريبهم ثم تأهيلهم في السن القانونية للعمل اللائق بهم.

ويعود تاريخ اليوم العالمي للطفل للعام 1954 ويحتفل به في يوم 20 نوفمبر من كل عام لتعزيز الترابط الدولي والتوعية بين الأطفال في جميع أنحاء العالم، وتحسين الوضع المعيشي لهم وضمان حقوقهم، ويعتبر يوم 20 نوفمبر يوماً تاريخياً وهاماً لأنه أيضاً في هذا اليوم من عام 1959 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة (إعلان حقوق الطفل)، وفي يوم 20 نوفمبر من عام 1989 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية (حقوق الطفل)، ومن عام 1990 يصادف اليوم العالمي للطفل الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان والاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل، وهو يوم احتفال يدفعنا إلى تحويل أيام العام بأكمله للحفاظ على حقوق الأطفال وليس ليوم واحد. وهو مطلب عالمي وإقليمي ومحلي ومجتمعي للدفاع عن حقوق الطفل وتعزيزها والاحتفال بها وترجمتها إلى مناسبة توعوية تتبناها الجامعات والمدارس والجمعيات الأهلية والشركات والمؤسسات ورجال الأعمال والعلماء والمفكرون والكتاب والأدباء ومجالس الأحياء والمدن والمناطق، وهو يوم لتذكير العالم بالطفل وحقوقه وواجبات المجتمع نحوه من البيت إلى العمل.


وقد اختار المنظمون اللون الأزرق شعاراً للاحتفال، وتم توجيه دعوة إلى منظمي اليوم العالمي في جميع أنحاء العالم بارتداء اللون الأزرق في هذا اليوم وذلك لتوحيد زي الاحتفال ليتحول العالم في ذلك اليوم إلى اللون الأزرق بمطالبة تقول «نحن نريد جميع الأطفال في العالم ملتحقين بالمدارس آمنين من الأذى وقادرين على تحقيق طموحاتهم وآمالهم».

وللأسف الشديد تفيد مصادر الأمم المتحدة بأن أكثر من 150 مليون طفل عبر العالم يعيشون في الشوارع -حتى كتابة آخر تقرير- هاربين من منازلهم من جراء العنف من آبائهم أو أمهاتهم بسبب الإدمان على المخدرات والكحول أو وفاة أحد الوالدين أو تفكك العائلة، أو بسبب اندلاع الحروب أو الكوارث الطبيعية في بلادهم، أو بسبب الفقر نتيجة انهيار الاقتصاد، مما يؤدي إلى خروج الأطفال بإرادتهم أو بتوجيه من أهاليهم إلى الشوارع طلباً للرزق وجمع المال أو جمع قوت يومهم وأهاليهم بالبحث في مرامي القمامة عن الأكل للحياة، أو المخاطرة ببيع بعض المنتجات في الليالي في الشوارع والأزقة غير الآمنة، ويعتبر أطفال الشوارع أكبر فئة معرضة للاستغلال من تنظيمات وعصابات لتسخير الأطفال للتسول والسرقة والرذيلة أو المتاجرة بأعضائهم، وعلى وجه الخصوص الأطفال الذين يجعلون من الشارع وتحت الكباري وأطراف الأنهار والمستنقعات مساكن لهم، فتحتضنهم بعض شبكات المخدرات لترويجها وبيعها مقابل أجور مالية بسيطة، ويموت الكثير منهم من الجوع والعطش والمرض أو الإدمان على المخدرات أو نتيجة الأمراض المعدية.

إن حق الأطفال في الحماية من العنف منصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل، ورغم ذلك فإن بليون طفل يتعرضون إلى نوع من العنف العاطفي أو البدني أو الجنسي كل عام ويموت طفل واحد من العنف كل خمس دقائق، وتعمل خطط الأمم المتحدة على وضع حد للعنف وحددت عام 2030 ليكون عاماً تلتزم به جميع دول العالم بوقف جميع أشكال العنف ضد الأطفال، وهذا ما تم اعتماده ضمن أهداف التنمية المستدامة في شهر سبتمبر عام 2015 عندما تعهد قادة العالم لإنهاء الفقر بحلول 2030، إلا أن المؤشرات لا توحي بأن قادة العالم قادرون على تحقيق تعهداتهم نتيجة الحروب والأزمات العالمية، وقبل الوصول لعام 2030 يتوقع أن يموت ما يقرب من 70 مليون طفل قبل بلوغهم الخامسة، وبحلول عام 2030 يتوقع أنه سيكون الأطفال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 10 مرات أكثر عرضة للوفاة قبل بلوغهم سن الخامسة مقارنة مع الأطفال في البلدان ذات الدخل المرتفع، ويتوقع أن 60 مليون طفل في سن التعليم الابتدائي خارج المدارس، ويتوقع أنه ستتزوج حوالى 750 مليون طفلة دون السن القانوني للزواج.

صورة قاتمة لوضع الأطفال في العالم تدفعنا اليوم لوضع خطة عاجلة وطارئة لمعالجة وضع الأطفال في بلادنا، وعلى وجه الخصوص أطفال الشوارع، وهم في الحقيقة غير سعوديين وأجزم أنهم غير نظاميين لكنهم لا زالوا متواجدين بائعين متجولين أو محترفين بالتسول.

وهذا يدفعني لمطالبة جميع مؤسسات القطاع الخاص بالمشاركة في وضع برنامج بالتعاون مع الأجهزة الحكومية المعنية لتوجيه الأطفال الفقراء للتعليم أولاً ثم وضعهم في برامج تعليم مهني أو فني لمستقبلهم العملي.

* كاتب اقتصادي سعودي